للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول للَّائمِ المُهْدِي ملامتَه ... ذُقِ الهوى وإن اسطعتَ الملامَ لُمِ (١)

قيل: لم ينصف من أحال على الذّوق، فإنّها حوالةٌ على محكومٍ عليه لا على حاكمٍ، وعلى مشهودٍ عليه لا على شاهدٍ، وعلى موزونٍ لا على ميزانٍ!

ويا سبحان الله! هل يدلُّ مجرَّدُ ذوق الشَّيء على حكمه وأنّه حقٌّ أو باطلٌ؟ وهل جعل الله ورسولُه الأذواقَ والمواجيدَ حججًا وأدلّةً يميَّز بها بين ما يحبُّه ويرضاه، وبين ما يكرهه ويسخطه (٢)؟ ولو كان ذلك (٣) لاحتجَّ كلُّ مُبطلٍ على باطله بالذّوق والوجد، كما تجده في كثيرٍ من أهل الباطل والإلحاد. فهؤلاء الاتِّحاديّةُ ــ وهم أكفَرُ الخلق ــ يحتجُّون بالذّوق والوجد على كفرهم وإلحادهم حتّى يقول قائلهم:

يا صاحبي أنت تنهاني وتأمرني ... والوجدُ أصدقُ نهّاءٍ وأمّارِ

فإن أُطِعْكَ وأَعْصِ الوجدَ رُحتُ عمًى ... عن اليقين إلى أوهام أخبارِ

وعينُ ما أنت تدعوني إليه إذا ... حقّقتَه تَرَهُ المنهيَّ يا جارِ (٤)

ويقول هذا القائل: ثبت عندنا بالكشف والذّوق ما يناقض صريحَ


(١) البيت للشريف الرَّضي من قصيدة في «ديوانه» (٢/ ٢٧٤ - دار بيروت). وقد أنشده المؤلف في «الصواعق» أيضًا، انظر «مختصره» (ص ٦٠٤).
(٢) ش، د: «ويسخط».
(٣) بعده في ر زيادة: «كذلك».
(٤) ت: «اليمنى باخبار»، تحريف. والأبيات للتلمساني، أنشدها له شيخ الإسلام في «الجواب الصحيح» (٤/ ٣٩٨) و «بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٩٠). وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢/ ٢٥٩، ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>