للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصّة ماعزٍ: فلمّا شهد على نفسه أربعَ مرّاتٍ رجَمَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (١). وقال تعالى: {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: ١٣٠].

وهذا وأضعافُه يدلُّ على أنّ الشَّاهدَ عند الحاكم وغيره لا يشترط في قبول شهادته أن يتلفَّظَ بلفظ الشّهادة، كما هو مذهب مالكٍ وأهل المدينة وظاهرُ كلام أحمد (٢)، ولا يُعرَف عن أحدٍ من الصَّحابة ولا التَّابعين اشتراطُ ذلك.

وقد قال ابن عبَّاسٍ: شهد عندي رجالٌ مرضيُّون ــ وأرضاهم عندي عمر ــ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصّلاة بعد الصُّبح حتّى تطلعَ الشَّمس، وبعد العصر حتّى تغربَ الشَّمس (٣). ومعلومٌ أنّهم لم يتلفَّظوا بلفظ الشّهادة.

والعشرةُ الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنّة، لم يتلفَّظ في شهادته لهم بلفظ الشّهادة، بل قال: «أبو بكرٍ في الجنّة، وعمر في الجنّة، وعثمان في الجنّة، وعليٌّ في الجنّة» الحديث (٤).


(١) أخرجه البخاري (٥٢٧١) ومسلم (١٦٩١) من حديث أبي هريرة وغيره.
(٢) ذكر المؤلف في «البدائع» (٤/ ١٣٧١) أن فخر الدين ابن تيمية حكى في «ترغيب القاصد» ثلاث روايات عن أحمد: إحداها الاشتراط ــ وهو المذهب ــ والثانية: عدم الاشتراط، وهي اختيار شيخ الإسلام. والثالثة: الفرق بين الأقوال والأفعال. وانظر أيضًا: «الطرق الحكمية» (٢/ ٥٣٨ - ٥٤٣)، و «الزاد» (٣/ ٦١٣ - ٦١٥)، و «البدائع» (١/ ١٤)، و «الفروع» (١١/ ٣٧٩ - ٣٨٠).
(٣) أخرجه البخاري (٨٥١) ــ وفي لفظه الشاهد ــ، ومسلم (٨٢٦).
(٤) أخرجه أحمد (١٦٢٩، ١٦٣١، ١٦٣٧، ١٦٣٨، ١٦٤٤، ١٦٤٥) وأبو داود (٤٦٤٨ - ٤٦٥٠) والترمذي (٣٧٤٨، ٣٧٥٧) والنسائي في «الكبرى» (٨١٣٤ - ٨١٣٧، ٨١٣٩، ٨١٤٧ - ٨١٤٩، ٨١٥١، ٨١٥٣، ٨١٦٢) وابن ماجه (١٣٣) وغيرهم من طرق يشد بعضها بعضًا من حديث سعيد بن زيد بن نوفل العدوي. وقد اختاره الضياء المقدسي (٣/ ٢٨٠ - ٢٩٠) وصححه الألباني في «الصحيحة» (٢/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>