للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاكمُ في ذلك ذوقُ العربيّة، والفقهُ فيها، واستقراءُ موارد استعمال ذلك مقدَّمًا. وسيبويه نصَّ على الاهتمام، ولم ينفِ غيره (١).

ولأنّه يقبح من القائل أن يُعتِق عشرةَ أعبد مثلًا، ثمّ يقول لأحدهم: إيّاك أعتقتُ (٢). ومن سمعه أنكر ذلك وقال: وغيرَه أيضًا أعتقتَ. ولولا فهمُ الاختصاصِ لما قبُح هذا الكلام، ولا حسُن إنكاره.

وتأمَّلْ قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: ٤٠]، {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} [البقرة: ٤١] كيف تجده في قوّة "لا ترهبوا غيري"، و"لا تتّقوا سواي". وكذلك {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هو في قوّة "لا نعبد غيرك، ولا نستعين بسواك". وكلُّ ذي ذوقٍ سليمٍ يفهم هذا الاختصاص من هذا السِّياق. ولا عبرة بجدل من قلَّ فقهُه، وفُتِحَ عليه بابُ الشّكِّ والتّشكيك، فهؤلاء هم آفة العلوم وبليّة الأذهان والفهوم.

مع أنّ في ضمير "إيّاك" من الإشارة إلى نفس الذّات والحقيقة ما ليس في الضّمير المتّصل. ففي: "إيّاك قصدتُ وأحببتُ" من الدِّلالة على معنى "حقيقتُك وذاتُك قصدي" ما ليس في قولك: قصدتُك، وأحببتُك. و"إيّاك أعني" فيه معنى "نفسَك وذاتَك (٣) وحقيقتَك أعني".


(١) انظر: "الكتاب" (١/ ٥٦، ٨١).
(٢) ع: "عتقت" هنا وفيما يأتي. وكذا كان في سائر النسخ ــ ما عدا ج ــ ثم زيدت الألف فيها.
(٣) زاد بعضهم قبله في هامش الأصل: "وفيه معنى" وتحته "صح"، ومثله في المتن في ل، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>