للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإطلاق، وإنكارُها وجحودُها أظلَمُ الظُّلم على الإطلاق. فلا أعدلَ من التّوحيد، ولا أظلمَ من الشِّرك. فهو سبحانه قائمٌ بالعدل في هذه الشَّهادة قولًا وفعلًا، حيث شهد بها وأخبَرَ وأعلَمَ عباده، وبيَّن لهم تحقيقها وصحَّتها، وألزَمَهم بمقتضاها، وحكَم بها (١)، وجعل الثّوابَ والعقابَ عليها، كما جعل الأمرَ والنّهيَ من حقوقها وواجباتها. فالدِّينُ كلُّه من حقوقها (٢)، والثّوابُ كلُّه عليها، والعقابُ كلُّه على تركها.

وهذا هو العدل الذي قام به الرَّبُّ تعالى في هذه الشَّهادة. فأوامرُه كلُّها تكميلٌ لها وأمرٌ بأداء حقوقها، ونواهيه كلُّها صيانةٌ لها عمَّا يهضِمها ويضادُّها. وثوابُه كلُّه عليها، وعقابُه كلُّه على تركها وتركِ حقوقها. وخلقُه السّماواتِ والأرضَ وما بينهما كان بها ولأجلها، وهي الحقُّ الذي خلقت به (٣). وضدُّها هو الباطل والعبث الذي نزَّه نفسَه عنه، وأخبر أنّه لم يخلُق به السَّماوات والأرض. قال تعالى ردًّا على المشركين المنكرين لهذه الشّهادة: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: ٢٧]. وقال تعالى: {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف: ١ - ٣]. وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [يونس: ٥]. وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ


(١) ت، ر: «به».
(٢) «وواجباتها ... حقوقها» ساقط من ش، د لانتقال النظر.
(٣) ت: «له».

<<  <  ج: ص:  >  >>