للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قوله: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: ١٩]. وكذلك قوله: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ١٦٦]. وكذلك قوله: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس: ١ - ٣]، وقوله: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة: ٢٥٢]، وقوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: ١]، وقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: ٢٩]. فهذا كلُّه شهادةٌ منه لرسوله، قد أظهَرها وبيَّنها، وبيَّن صحّتَها غاية البيان بحيث قطع العذرَ بينه وبين عباده، وأقام الحجّةَ عليهم. فكونُه سبحانه شاهدًا لرسوله معلومٌ بسائر أنواع الأدلّة: عقليِّها ونقليِّها وفطريِّها، ضروريِّها ونظريِّها.

ومَن نظَر في ذلك وتأمَّلَه علِمَ أنّ الله سبحانه شهد لرسوله أصدقَ الشّهادة وأعدلَها وأظهَرها، وصدَّقه سائرَ أنواع التَّصديق بقوله الذي أقام البراهينَ على صدقه فيه، وبفعله وبإقراره وبما فطَر عليه عباده من الإقرار بكماله، وتنزيهه عن القبائح وعمّا لا يليق به. وكلَّ وقتٍ يُحدِث من آياته الدَّالّة على صدق رسوله ما يقيم به الحجّةَ، ويزيل به العذرَ، ويحكم له ولأتباعه بما وعدهم به من العزِّ والنّجاة والظّفر والتّأييد، ويحكم على أعدائه ومكذِّبيه بما أوعدهم به من الخزي والنَّكال والعقوبات المعجَّلة (١) الدَّالّة على تحقيق العقوبات المؤجّلة.

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ


(١) ت: «العاجلة».

<<  <  ج: ص:  >  >>