الطريقة في تعريف هذه المنزلة، معتمدًا في نقلها على «الرسالة القشيرية» غالبًا، ويشرح من كلماتهم ما كان بحاجة إلى الشرح. ثم يبدأ بنقل كلام صاحب «المنازل» في الدرجات الثلاث لكل منزلة، ويشرحه فقرةً فقرةً، فيعتني أولًا ببيان مراد الهروي من كلامه معتمدًا في كثير من ذلك على شرح التلمساني، ثم يأخذ في الاستدلال له أو الاستدراك عليه أو نقده وتعقبه, مع التنبيه على ما في شرح التلمساني من انحرافات وتبرئة الهروي منها.
هذا هو الطابع العام للكتاب، إلّا أننا نجد شخصية المؤلف بارزة في جميع أبوابه وفصوله، فهو لم يقتصر على شرح الكتاب بل تعدَّاه إلى الاستدراك والاستطراد إلى أبحاث جليلة في موضوعات كثيرة من الزهد والتزكية والسلوك. وقد قدَّم لكثيرٍ من المنازل بكلام مستقل من عنده في فصول هي أهم من شرح كتاب الهروي، بحيث لو أُفرِدت ورُتِّبت لكانت من أنفس كتب السلوك في ضوء الكتاب والسنة على منهج السلف.
وفي تفسير سورة الفاتحة في أول الكتاب (١/ ١٠ - ١٧١) اتخذ المؤلف منهجًا فريدًا للكلام على السورة من جوانب مختلفة، لا نجد له نظيرًا بين كتب التفسير، وقد ذكر فيه فصولًا مهمة تتعلق بالعبادة والاستعانة هي في الحقيقة بمنزلة القواعد والأسس التي يقوم عليها نظام التزكية والسلوك في الإسلام، وتسدُّ جميع المنافذ التي تسعى الطوائف المنحرفة للدخول منها كما سبق. وتظهر أهميته وقيمته عند مقارنته بتفسير الفاتحة للفخر الرازي المتكلم (ت ٦٠٦) وتفسيرها المسمى «إعجاز البيان في كشف بعض أسرار أم القرآن» للصدر القونوي الصوفي (ت ٦٧٣)، فالأول أفاض في أبحاث كلامية طويلة الذيول، والثاني أوَّلها تأويلات صوفية بعيدة عن