للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنابة، والخوف، والرّجاء، والتّصديق الجازم، والنِّيّة للعبادة، وهذه قدرٌ زائدٌ على الإخلاص، فإنّ الإخلاص هو إفراد المعبود عن غيره. ونيّة العبادة لها مرتبتان: إحداهما: تمييز العبادة عن العادة. والثّانية: تمييز مراتب العبادات بعضها عن بعضٍ. والأقسامُ الثّلاثةُ واجبةٌ.

وكذلك الصِّدقُ. والفرقُ بينه وبين الإخلاص: أنّ للعبد مطلوبًا وطلبًا، فالإخلاصُ توحيد مطلوبه، والصِّدقُ توحيد طلبه. فالإخلاص: أن لا يكون المطلوبُ منقسمًا، والصِّدق: أن لا يكون الطَّلبُ منقسمًا. فالصِّدقُ بذل الجهد، والإخلاصُ إفراد المطلوب.

واتّفقت الأمّة على وجوب هذه الأعمال على القلب من حيث الجملة.

وكذلك النُّصح في العبوديّة، ومدارُ الدِّين عليه. وهو بذل الجهد في إيقاع العبوديّة على الوجهِ المحبوبِ للرَّبِّ المرضيِّ له. وأصل هذا واجبٌ، وكمالُه مرتبةُ المقرَّبين.

وكذلك كلُّ واحدٍ من هذه الواجبات القلبيّة، لها (١) طرفان: واجبٌ مستحَقٌّ وهو مرتبة أصحاب اليمين، وكمالٌ مستحبٌّ وهو مرتبة المقرَّبين.

وكذلك الصّبرُ واجبٌ باتِّفاق الأمّة. قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: الصَّبرُ (٢) في تسعين موضعًا من القرآن، أو بضعًا وتسعين (٣). وله طرفان


(١) كذا في الأصل وغيره بدلًا من "له".
(٢) ع: "ذكر الله الصبرَ".
(٣) كذا في النسخ يعني: أو ذكر بضعًا وتسعين موضعًا. وقد عزاه المصنف إلى الإمام أحمد في "عدة الصابرين" مرة بلفظ "تسعين" (ص ١٢٩) وأخرى (ص ٢١٠) "نحو تسعين" وسيأتي مثله في منزلة الصبر (٢/ ٤٤٥). وانظر: "طريق الهجرتين" (٢/ ٥٧٧)، و"مجموع الفتاوى" (١٠/ ٣٩). والمصنف نفسه نقل في "بدائع الفوائد" قول الإمام أحمد فيما رواه المروذي: "في القرآن اثنان وثمانون موضعًا الصبر محمود، وموضعان مذموم ... ". فهذه أربعة وثمانون موضعًا. وفي "قوت القلوب" (١/ ٣٣١) عن بعض العلماء: "في نيف وتسعين موضعًا". والصواب أنها ١٠٣ موضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>