للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا مرفوعًا: "لا تُظهِر الشّماتةَ لأخيك، فيرحمَه الله ويبتليَك".

ويحتمل أن يريد: أنّ تعييرَك لأخيك بذنبه أعظمُ إثمًا من ذنبه وأشدُّ من معصيته، لما فيه من صولة الطّاعة، وتزكية النّفس وشكرها، والمناداة عليها بالبراءة من الذّنب، وأنّ أخاك هو الذي (١) باء به. ولعلَّ كَسْرتَه بذنبه، وما أحدَث له من الذِّلّة والخضوع، والإزراءِ على نفسه، والتّخلُّصِ من مرض الدّعوى والكبر والعجب، ووقوفِه بين يدي الله ناكسَ الرّأس خاشعَ الطّرف منكسرَ القلب= أنفَعُ له وخيرٌ له من صولةِ طاعتك، وتكثُّرِك بها، والاعتدادِ بها، والمنّةِ على الله وخلقه بها. فما أقربَ هذا العاصيَ من رحمة الله! وما أقرَبَ هذا المُدِلَّ من مَقْت الله! فذنبٌ تَذِلُّ به لديه أحبُّ إليه من طاعةٍ تُدِلُّ (٢) بها عليه (٣)، وأنينُ المذنبين أحبُّ إليه من زَجَلِ المسبِّحين المُدِلِّين! ولعلَّ الله أسقاه بهذا الذّنب دواءً استخرج به داءً قاتلًا هو (٤) فيك ولا تشعر.

فللّه في أهل طاعته ومعصيته أسرارٌ لا يعلمها إلّا هو. ولا يطالعها إلّا أهلُ البصائر، فيعرفون منها بقدر ما تناله معارفُ البشر، ووراء ذلك ما لا


(١) لم يرد "هو الذي" في ع.
(٢) ج، ش: "يذلّ ... يدل" بالياء.
(٣) بعده في ع زيادة: "وإنّك أن تبيت نائمًا وتُصبح نادمًا خيرٌ من أن تبيت قائمًا وتصبح مُعجَبًا، فإنّ المُعجَب لا يصعد له عملٌ. وإنّك إن تضحك وأنت معترفٌ خيرٌ من أن تبكي وأنت مُدِلٌّ". وكتب بعضهم فوقها في أولها: "من" وفي آخرها: "إلى" ثم كتب حاشية نصُّها: "من عند العلامة إلى هاهنا زائد ليس في الأصل".
(٤) "هو" من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>