للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد خطأً من فرحٍ شديدٍ أو غيظٍ (١) شديدٍ أو نحوه لا يؤاخَذ به. ولهذا لم يكن هذا كافرًا بقوله: أنت عبدي وأنا ربُّك.

ومعلومٌ أنّ تأثيرَ الغضب في عدم القصد يصل إلى هذه الحال أو أعظمَ منها، فلا ينبغي مؤاخذةُ الغضبان بما صدَر منه في حالِ شدّة غضبه من نحو هذا الكلام، ولا يقع طلاقُه بذلك ولا رِدَّتُه. وقد نصَّ الإمام أحمدُ - رضي الله عنه - (٢) على تفسير "الإغلاق" في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طلاق في إغلاقٍ" (٣) بأنّه الغضب وفسَّره به غير واحدٍ من الأئمّة. وفسَّروه بالإكراه، وفسَّروه بالجنون (٤). قال شيخنا - رحمه الله -: وهو يعُمُّ هذا كلَّه، وهو من الغلَق، لانغلاق قصد المتكلِّم عليه، فكأنّه لم ينفتح قلبُه لمعنى ما قاله (٥).


(١) رسمه في الأصل وغيره بالضاد، ثم أصلح في م، ش.
(٢) في رواية حنبلٍ، نقله المؤلف في "أعلام الموقعين" (٢/ ٥٠٧) عن "زاد المسافر" لأبي بكر غلام الخلال (٣/ ٢٦٥)، وذكر في "زاد المعاد" (٥/ ٣٠٧) أن تفسير الإمام أحمد بالغضب حكاه عنه الخلال وأبو بكر في "الشافي" و"زاد المسافر". وانظر: "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" (ص ٦ - ٧).
(٣) أخرجه أحمد (٢٦٣٦٠) وأبو داود (٢١٩٣) وابن ماجه (٢٠٤٦) والدارقطني (٣٩٨٨) والحاكم (٢/ ٢٣٦) والبيهقي (١٠/ ٦١) من طريق محمد بن عبيد بن أبي صالح (عند ابن ماجه: عبيد الله بن أبي صالح، وهو وهْم" عن صفية بنت شيبة عن أم المؤمنين عائشة، وفيه محمد بن عبيد وهو ضعيف. وله طرق أخرى لا تخلو من مقال. وهذا الطريق هو الأشبه كما قاله أبو حاتم الرازي، انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (١٢٩٢، ١٣٠٠). والحديث حسنه الألباني بمجموع طرقه في "الإرواء" (٢٠٤٧)، وانظر: "صحيح أبي داود- الأم" (٦/ ٣٩٦).
(٤) انظر: "أعلام الموقعين" (٣/ ٥١٢)، و"زاد المعاد" (٥/ ٣٠٧).
(٥) نقل المؤلف قول شيخه في "تهذيب السنن" (١/ ٥٢٤) أيضًا. وانظر نحوه دون عزو إليه في "الصواعق" (٢/ ٥٦٤ - ٥٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>