للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لمن سأله أن يوصيه بشيءٍ يتشبَّث به: "لا يزال لسانُك رطبًا من ذكر الله" (١).

والدِّينُ كلُّه استكثارٌ من الطّاعات، وأحبُّ خلق الله إليه أعظَمُهم استكثارًا منها. وفي الحديث الصّحيح الإلهيِّ: "ما تقرَّب إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضتُ عليه. ولا يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافل حتّى أُحِبَّه، فإذا أحببتُه كنت سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها. فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي. ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه" (٢). فهذا جزاؤه وكرامته للمستكثرين من طاعته، لا لأهل الفناء المستغرقين في شهود الرُّبوبيّة.

وقال لآخر: "عليك بكثرة السُّجود، فإنّك لا تسجدُ لله سجدةً إلّا رفعك اللهُ بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً" (٣).


(١) أخرجه أحمد (١٧٦٩٨) والترمذي (٣٣٧٥) وابن ماجه (٣٧٩٣) وابن حبان (٨١٤) وغيرهم من حديث عبد الله بن بُسْر المازِني - رضي الله عنه -. والحديث حسَّنه الترمذي والحافظ في "نتائج الأفكار" (١/ ٩٣)، وصححه ابن حبان والحاكم (١/ ٤٩٥) والألباني في تخريج "الكلم الطيب" (٣).
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ما عدا قوله: "فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي" فلم أجد مَن أسنده، وإنما ذكره الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٢/ ١١٢، ٥/ ١٨٠ - دار النوادر)، وقال الألباني في "الصحيحة" (٤/ ١٩١): "ولم أر هذه الزيادة عند البخاري ولا عند غيره ممن ذكرنا من المخرِّجين، وقد ذكرها الحافظ ["الفتح" (١١/ ٣٤٤)] في أثناء شرحه للحديث نقلًا عن الطوفي ولم يَعْزُها لأحد".
(٣) أخرجه مسلم (٤٨٨) من حديث ثوبان - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>