للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٨].

رأسُ مالهم: الخديعةُ والمكرُ، وبضاعتُهم: الكذبُ والخَتْرُ. وعندهم العقلُ المعيشيُّ أنَّ الفريقين عنهم راضون، وهم بينهم آمنون (١)، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يُخَادِعُونَ (٢) إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: ٩].

قد نهَكَت أمراضُ الشُّبهات والشَّهوات قلوبَهم فأهلكتها، وغلبت القصودُ السَّيِّئةُ على إراداتهم ونيّاتهم فأفسدتها. ففسادُهم قد ترامى إلى الهلاك، فعجَز عنه الأطبَّاءُ العارفون، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: ١٠].

من عَلِقَتْ مخاليبُ شكوكهم بأديم إيمانه مزَّقَتْه كلَّ التَّمزيق، ومن تعلَّقَ شررُ فتنتهم بقلبه ألقاه في عذاب الحريق، ومن دخلت شبهاتُ تلبيسهم في مسامعه حالت بين قلبه وبين التَّصديق. ففسادُهم في الأرض كثيرٌ، وأكثرُ النَّاس عنه غافلون، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: ١١ - ١٢].

المتمسِّكُ عندهم بالكتاب والسُّنَّة صاحبُ ظواهر، مبخوسٌ حظُّه من المعقول. والدَّائرُ مع النُّصوص عندهم كحمارٍ يحمل أسفارًا، فهمُّه في حمل المنقول. وبضاعةُ تاجر الوحي لديهم كاسدةٌ، وما هو عندهم بمقبولٍ. وأهلُ


(١) وانظر: "إغاثة اللهفان" (٢/ ٨٢) و"الداء والدواء" (ص ١٩٥) و"مفتاح دار السعادة" (١/ ٣٢٤).
(٢) هكذا في النسخ ــ ما عدا ع ــ على قراءة أبي عمرو وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>