للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدريَّة النُّفاة، وأشدُّ عداوةً لله ومناقضةً لكتبه ورسله ودينه.

حتَّى إنَّ من هؤلاء من يعتذر عن إبليس ــ لعنه الله ــ ويتوجَّع له ويقيم عذره بجهده، وينسب ربَّه تعالى إلى ظلمه بلسان الحال والقال، ويقول (١): ما ذنبه وقد صان وجهه عن السُّجود لغير خالقه، وقد وافق حكمه ومشيئته فيه وإرادته منه؟ ثمّ كيف يمكنه السُّجود وهو الذي منعه منه وحال بينه وبينه؟ وهل كان في ترك السُّجود لغيرك (٢) إلَّا محسنًا؟ ولكن:

إذا كان المحبُّ قليل حظٍّ ... فما حسناته إلَّا ذنوبُ (٣)

وهؤلاء أعداء الله حقًّا، وأولياء إبليس وأحبابه (٤) وإخوانه، وإذا ناح منهم نائحٌ على إبليس رأيت من البُكاء والخَنِين (٥) أمرًا عجبًا (٦)، ورأيت من تظلُّمِ الأقدار واتِّهام الجبَّار ما يبدو على فلتات ألسنتهم وصفحات وجوههم، وتسمع من أحدهم من التظلُّم والتوجُّع ما تسمعه من الخصم المغلوب العاجز عن خصمه، فهؤلاء هم الذين قال فيهم شيخ الإسلام في تائيَّته (٧):


(١) ش: «ويقولون».
(٢) ج، ن: «لغيره». ع: «لغير الله».
(٣) سبق تخريجه (١/ ٢٩٤).
(٤) ع: «أحباؤه».
(٥) الخَنِين بالخاء المعجمة: كالبُكاء في الأنف، كما جاء في هامش الأصل ول نقلًا عن «الصحاح» للجوهري (٥/ ٢١٠٩). وتصحّف في سائر النسخ الخطية والمطبوعة إلى: «الحنين» بالحاء المهملة.
(٦) ش، ج، ن، ع: «عجيبًا».
(٧) التي أجاب فيها سؤالًا نُظم على لسان ذمِّي ينكر القدر. وهي في «مجموع الفتاوى» (٨/ ٢٤٥ - ٢٥٥)، وقد طبعت مفردة عدَّة طبعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>