للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (ومن الكسل إلى التشمير جدًّا وعزمًا). أي يفرُّ من إجابة داعي الكسل إلى داعي العمل والتشمير بالجدِّ والاجتهاد.

والجدُّ هو هاهنا صدق العزم (١)، وإخلاصُه من شوائب الفتور ووعود التسويف والتهاون. وهو تجنُّب السِّين وسوف وعسى ولعلَّ، فهو (٢) أضرُّ شيءٍ على العبد، وهي شجر (٣) ثمرها (٤) الحسرات والندامات.

والفرق بين الجدِّ والعزم أنَّ العزم صدق الإرادة واستجماعها، والجدُّ صدق العمل وبذل الجهد فيه، وقد أمر الله سبحانه بتلقِّي أوامره بالعزم والجدِّ، فقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: ٦٣]، وقال: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} [الأعراف: ١٤٥]، وقال: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] أي بجدٍّ واجتهادٍ وعزمٍ، لا كمن يأخذ ما أمرتُه (٥) بتردُّدٍ وفتورٍ.

وقوله: (ومن الضِّيق إلى السعة ثقةً ورجاءً)، يريد هروب العبد من ضيق صدره بالهموم والغموم والأحزان والمخاوف التي تعتريه في هذه الدار من جهة نفسه، وما هو خارجٌ عن نفسه ممَّا يتعلَّق بأسباب مصالحه ومصالحِ من يتعلّق به، وما يتعلَّق بماله وبدنه وأهله وعدوِّه؛ يهرب من ضيق صدره بذلك


(١) كذا في الأصول، وغيَّره الفقي إلى: «صدق العمل»، وهو مقتضى كلام المؤلف الآتي في التفريق بين الجد والعزم.
(٢) ع: «فهي».
(٣) ل، ع: «شجرة».
(٤) ع: «ثمرتها».
(٥) ش، ج، ن، ع: «أُمِر به»، ويصحُّ أن يُقرأ: «آمُر به».

<<  <  ج: ص:  >  >>