للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرار إلى الحقِّ، ثمَّ الفرار من شهود الفرار).

هذا على قاعدته في جعل الفناء عن الشُّهود غاية السالكين، فيفرُّ أولًا من الخلق إلى الحقِّ، ويشهد بهذا الفرار انفراد مشهوده الذي فرَّ إليه، لكن بقيت عليه بقيَّة، وهي شهودُ فراره، فبعدُ له إحساسٌ (١) بالخلق، فيفرُّ ثانيًا من شهود فراره، فتنقطع النِّسب كلُّها بينه وبين الخلق بهذا الفرار الثاني، فلا تبقى فيه بقيَّة إلا ملاحظة فراره من شهود فراره، فيفرُّ من شهود الفرار من شهود الفرار (٢)، فتنقطع حينئذٍ النِّسب كلُّها.

وقد تقدَّم الكلام على هذا وأنَّه ليس أعلى المقامات والرُّتب، ولا هو غاية الكمال، وأنَّ فوقه ما هو أعلى منه مقامًا وأشرفُ منزلًا (٣)، وهو أن يشهد فراره وأنَّه بالله من الله إلى الله، فيشهد أنَّه فرَّ به منه إليه، ويعطي كلَّ مشهدٍ حقَّه من العبوديَّة، وهذا حال الكُمَّل، فالله المستعان.

* * * *


(١) في طبعتي الفقي والصميعي: «فيعدله إحساسًا»، خطأ.
(٢) هكذا في الأصل مع علامة التصحيح على الكلمتين حتى لا يُظنَّ أن قوله: «من شهود الفرار» تكرَّر سهوًا، وقد سقط من م، ج، ن، ع، وجميع المطبوعات.
(٣) م: «منزلة».

<<  <  ج: ص:  >  >>