للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرًا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرًا: ما لي شيء، ولا منِّي شيء، ولا فيَّ شيء. وكان كثيرًا ما يتمثَّل بهذا البيت:

أنا المكدِّي وابن المكدِّي ... وهكذا كان أبي وجدِّي (١)

وكان إذا أُثني عليه في وجهه يقول: والله إنِّي إلى الآن أجدِّد إسلامي كلَّ وقتٍ، وما أسلمت بعدُ إسلامًا جيِّدًا.

وبعث إليَّ في آخر عمره قاعدةً في التّفسير بخطِّه، وعلى ظهرها أبياتٌ بخطِّه من نظمه (٢):

أنا الفقير إلى ربِّ البريَّات (٣) ... أنا المُسيكين في مجموع حالاتي

أنا الظَّلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا (٤) من عنده يأتي

لا أستطيع لنفسي جلب منفعةٍ ... ولا عن النفس في دفع المضرّات (٥)

وليس لي دونه مولًى يدبِّرني ... ولا شفيعٌ إلى رب السماوات (٦)


(١) المكدِّي بلغة أهل العراق هو الشحَّاذ. ولعل البيت كان لأحد الشحاذين ينشده ويتسوَّل. فكان شيخ الإسلام من تواضعه يتمثَّل بهذا على معنى أنه المفتقر إلى الله.
(٢) وهي من مقطوعة له قالها بالقلعة إبَّان حبسه فيها، نقلها ابن عبد الهادي في «العقود الدرية» (ص ٤٥٠ - ٤٥١)، وهي أحد عشر بيتًا، ذكر المؤلف هنا ستةً منها.
(٣) م، ش: «السماوات».
(٤) ل: «جاءنا».
(٥) هذا البيت جاء في هامش الأصل بخط مغاير، وهامش كلٍّ من ل، ج مصححًا عليه.
(٦) لفظ العَجُز من ل. وفي الأصل فراغ مكانه، ثم كتب: «كما يكون لأرباب الولايات» بخط مغاير، ثم ضُرب على البيت كلِّه. وبمثله جاء العجز في ج، ن. ثم ضُرب عليه في ج وكتب مكانه مصححًا عليه: «ولا شفيع إلى رب البريَّات»، وهو لفظه في «العقود الدرية». ولم يرد البيت في م، ش. ولفظه في ع: «ولا شفيعٌ إذا أحاطت خطيئاتي»، وبعده زيادة بيتٍ آخر: «إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قد جا في الآياتِ». وقد أُلحق أيضًا بهامش ل مصححًا عليه. وهو في «العقود».

<<  <  ج: ص:  >  >>