وقد اهتم الباحثون بإثبات الفروق بين جميع النسخ القديمة والحديثة، ولو أنهم اقتصروا في ذلك على المخطوطات القديمة المذكورة لكان أولى وأجدى من حشد الفروق بين النسخ المتأخرة، وأكثرها فروع عن النسخ القديمة. ومن الغريب أنهم لم يعتمدوا على نسخة جامعة الإمام [٨٨٦٠/خ](التي تحتوي على المجلد الأول إلى أثناء باب الاستقامة)، مع أنها كانت في متناول أيديهم. وهي نسخة قديمة كتبت في القرن الثامن تقديرًا.
واغترَّ المحققون بتاريخ النسخ (سنة ٧٣١) المذكور في آخر نسخة حلب، فظنُّوا أنها كتبت قبل وفاة المؤلف بعشرين سنة، وجعلوها الأصل وقد ذكرنا في وصف النسخ أن التاريخ المذكور ليس بخط ناسخ النسخة. وهي وإن كانت قديمة إلا أن فيها أخطاءً صوابها في نسخة تشستربيتي وغيرها من النسخ القديمة، ولكن المحققين أثبتوا النصَّ ــ وإن كان خطأ ــ بالاعتماد على نسخة حلب التي جعلوها الأصل، وذكروا الصواب في الحاشية، وعلى العكس من ذلك خطَّأوا أحيانًا ما في أصلهم وعدلوا عنها مع أن ما فيها صواب، وفي مواضع كثيرة أثبتوا ما في المطبوع ولم يستفيدوا من المخطوطات شيئًا. وليست المجلدات كلها سواء في مستوى التحقيق، والمجلد الأول أفضلها، فالنص فيه سليم في الجملة، وإن لم يخلُ من أخطاء.
و نذكر هنا نماذج متفرقة من الأخطاء:
١/ ٢٤٤:«فما غفر عن عجز وجهل بجرم الجاني، فأنت لا تغفر إلا عن قدرة تامة وعلم تام ... ». وفي الهامش (٢): «العبارة في جميع النسخ: «فمن»، والأصوب حسب السياق ما أثبته». قلنا: ما اتفقت عليه النسخ صواب