للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من التعلُّق، فلمَّا انقطع تعلُّقها مِن هواها وجدت رَوح الأنس بالله وهبَّت عليها نسماته، فرَنَّحَتْها (١) وأَحْيَتها.

وثالثها (٢): شَيم برق الكشف، وهو مطالعته واستشرافه والنظر إليه ليعلم به مواقع الغيث ومَساقط الرحمة. وليس مراده بالكشف هاهنا الكشفَ الجُزويَّ السُّفليَّ، المشتركَ بين البرِّ والفاجر والمؤمن والكافر، كالكشف عن مخبَّآت الناس ومستورهم. وإنّما هو الكشف عن ثلاثة أشياءَ هي منتهى كشف الصادقين أرباب البصائر:

أحدها: الكشف عن منازل السير.

والثاني: الكشف عن عيوب النفس وآفات الأعمال ومُفسداتها.

والثالث: الكشف عن معاني الأسماء والصِّفات وحقائق التوحيد والمعرفة.

وهذه الأبواب الثلاثة هي مجامع علوم القوم، وعليها يحومون (٣)، وإليها يشمِّرون، فمنهم من جُلُّ كلامه ومعظمُه في السير وصفة المنازل، ومنهم من جلُّ كلامه في الآفات والقواطع (٤)، ومنهم من جلُّ كلامه في التّوحيد والمعرفة وحقائق الأسماء والصِّفات.


(١) أي: حرَّكَتْها وأنشطَتْها. في ل، والنسخ المطبوعة: «ريَّحتها»، خطأ ولا وجود لـ «ريَّح» في المعاجم، وإنما يقال: «روَّح».
(٢) ع: «ونالها» متصلًا بما قبلها، وهو تصحيف.
(٣) في ع زيادة: «وحولها يُدندون».
(٤) ع: «والقطَّاع».

<<  <  ج: ص:  >  >>