للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقبتها، وتبَرَّؤوا منها، حتَّى ذكر أبو القاسم القشيريُّ في «رسالته» (١) أنَّ أبا سليمان الداراني رؤي بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، وما كان شيء أضرَّ عليَّ من إشارات القوم.

وقال أبو القاسم (٢): سمعت أبا سعيدٍ الشحَّام يقول: رأيت الأستاذ أبا سهلٍ الصُّعلوكيَّ في المنام، فقلت له: أيُّها الشّيخ، فقال: دع التَّشييخ! فقلت: وتلك الأحوال؟ فقال: لم تُغنِ عنَّا شيئًا! فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بمسائلَ كانت تسألُ عنها العُجُز (٣).

وذكر (٤) عن الجُرَيريِّ: أنَّه رأى الجنيد في المنام بعد موته، فقال: كيف حالك يا أبا القاسم؟ قال: طاحت تلك الإشارات، وبادت تلك العبارات، وما نفعنا إلَّا تسبيحاتٌ كنَّا نقولها بالغدوات (٥).

فأمَّا قوله: (الرّجاء أضعف منازل المريدين)، فليس كذلك، بل هو من


(١) (ص ٧٦٦).
(٢) «الرسالة» (ص ٧٦٢).
(٣) أي: العجائز.
(٤) في «الرسالة» (ص ٧٦٠). وأسنده أبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٥٧) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢٩٨٦) عن جعفر الخُلْدي أنه رأى تلك الرؤيا، ولفظها: « ... وما نفعتنا إلا ركعات كنا نركعها عند السحر». والجُريري والخُلدي كلاهما من أصحاب الجنيد.
(٥) في ع زيادة: «وقال أبو سليمان الداراني: تعرض عليَّ النُّكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلَّا بشاهدي عدلٍ: الكتاب والسُّنّة. وقال الجنيد: مذهبنا مقيّدٌ بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يُقتدى به في طريقنا. هذا إلى غير ذلك من الأقوال التي وردت عنهم - رضي الله عنهم -». انظر لقوليهما: «القشيرية» (ص ١٣٣، ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>