مخطوط بخطّ عصريّ حديث يغلب عليه الضعف. منسوخ على نسخة محفوظة في خزانة كتب الاستاذ المحقّق أحمد باشا تيمور، وكان التيموري أهدى النسخة المنسوخة الى الأب المذكور، وقد انتسخت نسخة على نسخة الأب؛ وكلّمت أحد الكتبيّين وهو نعمان الأعظميّ في أن أتولّى نشرها والتعليق عليها وينفق هو على ذلك، فوافق، ولكن جهل اسم الكتاب كان يحول دون نشره. فاسترجح الباحث المحقّق يعقوب نعوم السركيسي البغدادي كون المخطوط المذكور «الحوادث الجامعة» لانطباق اسمه على المخطوط التاريخي الموجود، وشايعناه في هذا الاسترجاح وطبعناه باسم «الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة» ببغداد سنة ١٩٣٢ م - ١٣٥١ هـ.
وقد أجلنا الفكر، وأعملنا الروية، وأعدنا غير مرّة تصفّح هذا الكتاب، فانتهى بنا الرأي الى استحالة أن يكون هو «الحوادث الجامعة» لابن الفوطيّ، وبيّنّا الاستحالة على امور، أوّلها: خفاء ذاتيّة المؤلف وشخصيّته، بحيث يمكن عدّة جامعا لأخباره من التواريخ الاخرى، سوى إشارات قليلة جدّا، يجوز أن يكون المؤلّف بها معاصرا لقسم من الحوادث، مع أنّ ابن الفوطيّ ظاهر الذاتيّة في مؤلّفاته، يدلّ على ذلك كتابه هذا «تلخيص مجمع الآداب» فهو كثير القول فيه:
«قلت، ورأيت، وسمعت، وصديقنا، ورفيقنا، وشيخنا، والمحسن إلينا، والمفضّل علينا، ومولانا، وحدّثنا، وقال لنا، وحكى لنا، وكتب إلينا، وأجاز لنا، وما أشبه ذلك».فلم يكن إذن مانع من ظهور شخصيّته في كتاب التاريخ المذكور لو كان هو مؤلّفه. والأمر الثاني: اختلاف اسلوبي المؤلّفين في طريقة الاقتصاص والنقل والاقتباس؛ والأدلّة على ذلك كثيرة جدّا. والثالث: اختلاف خطّي المؤلّفين اختلافا مبينا، مستدلّين على ذلك بخطّ ابن الفوطيّ في التلخيص، وكتاب الأحكام، وكامل ابن الأثير المقدّم ذكره؛ بخطّ مؤلّف التاريخ المذكور؛ والذي دلّ على كونه المؤلّف هو أنّه ألصق قصاصة ورقة على كل خبر وجد خيرا منه، فأحلّه مكانه. والرابع: هو كون الحوادث الجامعة في الوفيات، كما ذكر ابن رجب وحاجي خليفة، وهذا في الحوادث والوفيات، ويتوخّى الحوادث قبل الوفيات.