للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخامس: أنّ مؤلّف هذا التاريخ ذكر مؤرّخين من أساتذة ابن الفوطيّ، كابن الساعي، وظهير الدين الكازروني، ونقل من تواريخهما كأنّهما غريبان عنه وبعيدان عن عصره، مع أنّ ابن الفوطيّ يصرّح كثيرا بأسمائهما في التلخيص.

والسادس: عدم العاطفة الدينيّة على المسلمين في كتاب التاريخ المذكور؛ فهو لم يذكر كلمة «شهادة» ولا كلمة «استشهاد» في حادثة استيلاء هولاكو على بغداد.

فما استحقّ منه كلمة الشهادة الخليفة المستعصم بالله، ولا ابناه أحمد وعبد الرحمن، ولا العلماء، ولا الامراء، ولا الأطفال، ولا النّساء. وكذلك من قتل بعدهم بسيوف المغول، مع أنّ ابن الفوطيّ مع عيشه بين المغول برهة وخدمته لهم، يذكر شهداء تلك الواقعة الفظيعة بكلمة الشهادة أو الاستشهاد، وذلك أمر ذو بال. والسابع:

هو نقل مؤلّف هذا التاريخ عن جماعة لم ينقل عنهم ابن الفوطيّ، كعفيف الدين أبي عبد الله محمد ابن أحمد المعروف بابن البديع. فقد ذكره مؤلّف التاريخ في ترجمة علم الدين أحمد ابن عبد الرحمن الشارمساحي، ولم ينقل قول ابن البديع فيه.

والثامن: هو أنّ مؤلّف التاريخ المقدّم ذكره، نقل أخبارا عن غيره، ومن كتب من التاريخ خاصّة بسنين. وكان ابن الفوطيّ قد سمع بعض تلك الأخبار، وشهد بعضا بحيث يحتاج الى مؤرّخ ينقلها من كتبه، كقتل فخر الدين مظفّر بن الطراح بدار النيابة ببغداد سنة ٦٩٤ هـ‍.مع أنّ مؤلّف التاريخ المذكور آنفا يقول في قصيدة ابن الطراح التي قالها قبل أن يقتل: «ووجدت بخطّه ...».

ولنا أدلّة اخرى لا يسع المقام سردها، وفيما قدّمها ما يكفي في نفي نسبة الكتاب الى ابن الفوطيّ. ولعلّه تأليف «محبّ الدين أبي العبّاس أحمد بن يوسف بن أبي بكر العلوي الكرجيّ ثمّ البغدادي المقرئ» ذكره ابن الفوطيّ في الجزء الخامس من تلخيص مجمع الآداب، وذكر أنّه كان مقرئا من العلماء الثقات والحفّاظ الأثبات. وكان كثير المطالعة، عارفا باللّغة، ورتّب شيخا بدار القرآن المعروفة بالبشيريّة نسبة الى باب بشير، زوج الخليفة المستعصم بالله على شاطئ دجلة ببغداد، وأنّه ولد سنة ٦٥٧ هـ‍ وتوفّي سنة ٧٢١ هـ‍ وصنّف تاريخا على السنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>