للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبقى عند لقاء المحبوب أم يزول؟ على قولين:

فقالت طائفة: يزول، لأنه إنَّما يكون مع الغَيبة، وهو سفر القلب إلاه (١)، فإذا انتهى السفر (٢) وضع عصا (٣) الاشتياق عن عاتقه، وصار الاشتياق أنسًا به ولذَّةً بقربه.

وقالت طائفة: بل يزيد الاشتياق (٤) ولا يزول باللِّقاء. قالوا: لأنَّ الحبَّ يقوى بمشاهدة جمال المحبوب أضعافَ ما كان حال غيبته. وإنَّما يواري سلطانَه فناؤُه ودهشتُه بمعاينة محبوبه، حتَّى إذا توارى عنه ظهر سلطانُ شوقه إليه. ولهذا قيل (٥):

وأعظم ما يكون الشّوق يومًا ... إذا دنت الخيام من الخيام

وقد ذكرنا هذه المسألة مستقصاةً وتوابعَها في كتابنا الكبير في المحبَّة (٦)


(١) ع: «إلى المحبوب».
(٢) في ع زيادة: «واجتمع بمحبوبه».
(٣) «عصا» ساقطة من ل.
(٤) «الاشتياق» ليس في ش، ع، وكأنه ضُرب عليه في الأصل.
(٥) من بيتين أنشدهما إسحاق بن إبراهيم الموصلي (ت ٢٣٥) عند الواثق، كما في «أمالي القالي» (١/ ٥٥) و «الزهرة» (ص ٢٩٣) و «الأغاني» (٢/ ٦٠٥)، والرواية: «وأبرح ما يكون ... الديار من الديار». وكذا العجز عند المؤلف في «طريق الهجرتين» (٢/ ٧٢٥). وفي «رسالة القشيري» (ص ٦٦٨) كما هنا. وذكره المؤلف في «روضة المحبين» (ص ٥١، ١٢٦، ٢٠٤، ٥٨٩) على الوجهين.
(٦) وهو المسمَّى: «قرة عيون المحبين وروضة قلوب العارفين» كما سبق أن ذكره المؤلف (١/ ١٤١)، ولا يزال في عداد المفقود. وقد ذكر طرفًا من المسألة باختصار في «روضة المحبين» (ص ٥١ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>