للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كتاب «سفر الهجرتين» (١)، وسنعود إليها إذا انتهينا إلى منزلتها إن شاء الله تعالى (٢).

وقوله: (المنغِّص للعيش)، فلا ريب أنَّ عيش المشتاق منغَّصٌ حتى يلقى محبوبه، فهناك تقرُّ عينُه ويزول عن عيشه تنغيصُه.

وكذلك يزهد في الخلق غاية التزهيد، لأنَّ صاحبه طالبٌ للأنس بالله والقرب منه، فهو أزهد شيءٍ في الخلق، إلّا من أعانه على هذا المطلوب لقاؤه منهم وأوصله إليه، فهو أحبُّ خلق الله إليه، ولا يأنس من الخلق بغيره ولا يسكن إلى سواه. فعليك بطلب هذا الرَّفيق جهدك، فإن لم تظفر به فاتَّخذ الله صاحبًا، ودع الناس كلَّهم جانبًا و (٣):

مُت بداء الهوى، وإلَّا فخاطرْ ... واطرق الحيَّ والعيونُ نواظرْ

لا تخَفْ وحشة الطريق إذا جئْ ... ـتَ وكن في خفارة الحبِّ سائرْ

واصبر النفس ساعةً عن سواهمْ ... فإذا لم تُجِب لصبرٍ فصابِرْ

وصم اليوم واجعل الفطر يومًا ... فيه تلقى الحبيب بالبشر شاكِرْ

وافطم النفس عن سواه فكلُّ الْـ ... ـعيش بعد الفطام نحوك صائرْ

وتأمَّل سريرة القلب واستحْ ... ـيِ من الله يوم تبلى السرائرْ


(١) (٢/ ٧٢٤ - ٧٢٧).
(٢) (٣/ ٤٣٤).
(٣) لم ترد الواو في ل. ومسحها بعضهم من الأصل، م. وذلك لأنها كتبت مع البيت الأول ووزنه لا يستقيم معها. وهو من الخزم الذي يُعتدُّ به في المعنى دون اللفظ والوزن، وهو جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>