للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول القائل (١):

هَبِ البعثَ لم تأتنا رُسْلُه ... وجاحِمةُ النار لم تُضْرَمِ

أليس من الواجب المُستَحَقّْ ... على ذي الورى الشُّكرُ للمنعم

فالنُّفوس العليَّة الزكيَّة تعبده لأنَّه أهلٌ أن يُعبَد ويُجَلَّ ويحبَّ ويعظَّم، فهو لذاته مستحقٌّ للعبادة.

قالوا: ولا يكون العبد كأجير السوء، إن أُعطي أجرَه عمل وإلَّا (٢) لم يعمل، فهذا عبد الأُجرة لا عبد المحبَّة والإرادة.

قالوا: والعمَّال شاخصون إلى منزلتين: منزلة الأجرة، ومنزلة القربة (٣) من المطاع. قال تعالى في حقِّ نبيِّه داود - صلى الله عليه وسلم -: {عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يَادَاوُودُ} [ص: ٢٥]، فالزُّلفى منزلة القرب، وحسن المآب حسن الثواب والجزاء.

وقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]، فالحسنى الجزاء، والزِّيادة منزلة القربة (٤)، ولهذا فسِّرت بالنظر إلى وجه الله عزَّ وجلَّ (٥).


(١) البيت الأول للوزير الحسن بن محمد المُهلَّبي (ت ٣٥٢) كما في «يتيمة الدهر» (٢/ ٢٤٠)، والثاني عنده:
أليس بكافٍ لذي فكرةٍ ... حياءُ المسيء من المُنعم
وأنشدهما ابن الجوزي في «المدهش» (ص ٤٩٤) والمؤلف أيضًا في «مفتاح دار السعادة» (٢/ ١٠٨٢) باختلاف الشطر الرابع.
(٢) ع: «وإن لم يُعطَ».
(٣) م، ش: «القرب». وكذا غيَّره بعضهم في ل.
(٤) م، ش: «القرب». وكذا غيَّره بعضهم في ل.
(٥) كما عند مسلم (١٨١) من حديث صهيب - رضي الله عنه - مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>