للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في رمي أهل الحديث والسنة بذلك، كرمي الرافضة لهم بأنَّهم نواصب، والمعتزلة بأنَّهم نوابت حشويَّة. وذلك ميراثٌ من أعداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رميه ورمي أصحابه بأنَّهم صُباةٌ قد ابتدعوا دينًا محدَثًا، وميراثٌ لأهل الحديث والسنة من نبيِّهم وأصحابه بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة. وقدَّس الله روح الشافعيِّ حيث يقول وقد نُسِب إلى الرَّفض (١):

إن كان رفضًا حبُّ آل محمَّدٍ ... فليشهد الثقلان أنِّي رافضي

ورضي الله عن شيخنا أبي عبد الله (٢) ابن تيميَّة حيث يقول:


(١) كما في «الحلية» (٩/ ١٥٣) و «مناقب الشافعي» للبيهقي (٢/ ٧١).
(٢) كذا في جميع النسخ عدا النسخة المصرية (ع) ففيها: «شيخنا عبد الله». وفي بعض النسخ المتأخرة: «أبي العباس» كما ذكره محققو طبعة دار الكتب المصرية (٣/ ٦٦) ودار الصميعي (٢/ ١٥٥٠). وذَكَر ابن القيم هذا البيت أيضًا في مقدمة «الكافية الشافية» (١/ ٢٩) بقوله: «وقدَّس الله روح القائل [وهو شيخ الإسلام ابن تيمية] إذ يقول»، وما بين الحاصرتين زيادة من بعض النسخ ولم ترد في أكثرها كما أفاده المحقق، وأخشى أن يكون زاده بعض النساخ من عنده. تحصَّل مما سبق ثلاثة احتمالات:
الأول: أن «أبي عبد الله» سهو من المؤلف أو النساخ، الصواب: «أبي العباس». ويُشكل عليه أن السهو في مثله بعيد جدًّا.
الثاني: أن الصواب: «عبد الله» غير مسبوق بـ «أبي» على ما جاء في النسخة المصرية (ع). وعليه فيكون المراد شقيقَ شيخ الإسلام أبي العباس المتوفى سنة ٧٢٧. ويُشكل عليه إثبات «أبي» قبله في أكثر النسخ.
الثالث: أن المراد بـ «أبي عبد الله»: محمد بن أبي القاسم الخَضِرِ بن محمد، فخر الدِّين ابن تيمية (ت ٦٢٢)، شيخ حرَّان وخطيبها، عمُّ أبي البركات عبد السلام ابن تيمية. ولكن يُشكل عليه وصف المؤلف له بـ «شيخنا».
هذا، وقد ذكر شيخ الإسلام في «درء التعارض» (١/ ٢٤٠) بيتين آخرين في هذا المعنى مِن «قول القائل»:
إذا كان نصبًا ولاءُ الصِّحاب ... فإني كما زعموا ناصبي
وإن كان رفضًا ولاءُ الجميع ... فلا بَرِح الرفضُ من جانبي

<<  <  ج: ص:  >  >>