ــ يعني إذا خرج من بيته ــ بسم الله، توكَّلت على الله، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، يقال له: هُديت وكُفيت ووُقيت، فيقول الشيطان لشيطانٍ آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدي وكُفي ووُقي؟».
التّوكُّل نصف الدِّين، ونصفه الثاني الإنابة، فإنَّ الدين استعانة وعبادة، فالتوكُّل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة.
ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، ولا تزال معمورةً بالنازلين لسعة متعلَّق التوكُّل، وكثرةِ حوائج العالمين، وعمومِ التوكُّل، ووقوعِه من المؤمنين والكفار، والأبرار والفجَّار، والطير والوحش والبهائم. فأهل السّماوات والأرض ــ المكلَّفون وغيرهم ــ في مقام التوكُّل وإن تباين متعلَّق توكُّلهم:
فأولياؤه وخاصَّته متوكِّلون عليه في حصول ما يرضيه منهم وفي إقامته في الخَلْق، فيتوكلون عليه في الإيمان ونصرة دينه وإعلاء كلمته وجهاد أعدائه، وفي محابِّه وتنفيذ أوامره.
ودون هؤلاء من يتوكَّل عليه في استقامته في نفسه، وحفظ حاله مع الله، فارغًا من الناس.