للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودون هؤلاء من يتوكَّل عليه في معلومٍ (١) يناله منه من رزقٍ، أو عافيةٍ، أو نصرٍ على عدوٍّ، أو زوجةٍ أو ولدٍ، ونحو ذلك.

ودون هؤلاء من يتوكَّل عليه في حصول ما لا يحبه ويرضاه من الظلم والعُدوان وحصول الإثم والفواحش، فإنَّ أصحاب هذه المطالب لا ينالونها غالبًا إلَّا باستعانتهم بالله وتوكُّلهم عليه، بل قد يكون توكُّلهم أقوى من توكُّل كثيرٍ من أصحاب الطاعات. ولهذا يُلقون أنفسهم في المتالف والمهالك معتمدين على الله أن يسلِّمهم ويُظْفِرهم بمطالبهم.

فأفضل التوكُّل: التوكُّل في الواجب، أعني: واجبَ الحقِّ، وواجب الخلق، وواجب النفس. وأوسعه وأنفعه: التوكُّل في التأثير في الخارج في مصلحةٍ دينيَّةٍ، أو في دفع مفسدةٍ دينيّةٍ، وهو توكُّل الأنبياء في إقامة دين الله ودفع فساد المفسدين في الأرض، وهذا توكُّل ورثتهم. ثمَّ الناس بعدُ في التوكُّل على حسب هممهم ومقاصدهم، فمن متوكِّلٍ (٢) على الله في حصول الملك، ومتوكِّلٍ في حصول رغيفٍ.

ومن صدق توكُّله على الله في حصول شيءٍ ناله، فإن كان محبوبًا له مرضيًّا كانت له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطًا مبغوضًا كان ما حصل له بتوكُّله مضرَّةً عليه، وإن كان مباحًا حصلت له مصلحة التوكُّل دون مصلحة ما توكَّل فيه إن لم يستعن به على طاعة (٣).


(١) في ش زيادة: «يحبه».
(٢) ل: «يتوكل»، هنا وفي الموضع الآتي.
(٣) ع: «طاعاته».

<<  <  ج: ص:  >  >>