للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرُّبوبيَّة، والطُّمأنينة إلى الكفاية، فإن أعطي شكر وإن مُنع صبر (١). فجعله مركّبًا من خمسة أمورٍ: القيام بحركات العبوديَّة، وتعلُّق القلب بتدبير الربِّ وسكونُه إلى قضائه وقدره، وطمأنينته بكفايته (٢)، وشكره إذا أُعطي، وصبره إذا مُنع.

قال أبو يعقوب النَّهرَجُوريُّ: التوكُّل على الله بكمال الحقيقة وقع لإبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - في الوقت الذي قال لجبريل عليه السَّلام: أمَّا إليك فلا؛ لأنَّه غابت نفسه بالله، فلم ير مع الله غير الله (٣).

وأجمع القوم على أنَّ التوكُّل لا ينافي القيام بالأسباب، بل لا (٤) يصحُّ التوكُّل إلَّا مع القيام بها، وإلَّا فهو بطالة وتوكُّل فاسد (٥).


(١) ذكره الطوسي في «اللمع» (ص ٥١ - ٥٢)، ثم عنه القشيري (ص ٤١١). وذكره أيضًا السلمي في «تفسيره» (١/ ٣٤٢).
(٢) في ع زيادة: «له».
(٣) أسنده البيهقي في «الشعب» (١٢٣٤) والقشيري (ص ٤١٢). وأما خبر جبريل مع الخليل فلم يثبت مرفوعًا، وإنما روي في آثارٍ عن السلف. انظر: «تفسير الطبري» (١٦/ ٣٠٩) والثعلبي (١٨/ ١٥٢) و «شعب الإيمان» (١٠٤٥) و «طبقات الحنابلة» (٢/ ٥٥٦) و «مجموع الفتاوى» (٨/ ٥٣٩).
(٤) ع: «فلا».
(٥) كذا قال المؤلف: إن القوم أجمعوا على ذلك، والظاهر أنه يقصد العارفين الراسخين في العلم منهم. وإلا فقد ذكر القشيري في باب التوكل (ص ٤٠٨ - ٤٢٣) عددًا من الأقوال والحكايات الدالة على أن بعض السالكين والعبّاد كان يرى نبذ الأسباب والسفر بلا زاد وإيثار البطالة على الاشتغال بالمكاسب. وسيشير المؤلف نفسه إلى هؤلاء (ص ٤١٥) ويقول: «درجتهم ناقصة عند العارفين».

<<  <  ج: ص:  >  >>