للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطُّ فعل ذلك، ولا أخلَّ بشيءٍ من الأسباب. وقد ظاهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين درعين يوم أحدٍ (١)، ولم يحضر الصفَّ قطُّ عريانًا كما يفعله من لا علم عنده ولا معرفة. واستأجر دليلًا مشركًا على دين قومه يدلُّه على طريق الهجرةوقد هدى الله به العالمين (٢). وكان يَدَّخر لأهله قوت سنةٍ وهو سيِّد المتوكِّلين (٣). وكان إذا سافر في جهادٍ أو حجٍّ أو عمرةٍ حمل معه الزاد والمزاد وجميعُ أصحابه، وهم أهل التوكُّل حقًّا.

وأكمل المتوكِّلين بعدهم من اشتمَّ رائحة توكُّلهم من مسيرةٍ بعيدةٍ، أو لحق أثرَ غباره (٤). فأحوال القوم (٥) محكُّ الأحوال وميزانها، بها يعلم صحيحها من سقيمها.

وكانت هممهم (٦) في التوكُّل أعلى من همم من بعدهم، فإنَّ توكُّلهم كان في فتح القلوب (٧) والبلاد (٨). فملؤوا بذلك التوكُّلِ القلوبَ هدًى


(١) كما في حديث السائب بن يزيد عند أحمد (١٥٧٢٢) والنسائي في «الكبرى» (٨٥٢٩) وابن ماجه (٢٨٠٦) بإسناد صحيح. وفي الباب حديث الزبير عند الترمذي (١٦٩٢) وابن حبان (٦٩٧٩) والحاكم (٣/ ٢٥) بإسناد حسن.
(٢) كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - عند البخاري (٢٢٦٣).
(٣) كما في حديث عمر - رضي الله عنه - عند البخاري (٥٣٥٧) ومسلم (١٧٥٧).
(٤) أي: غبار توكلهم. وفي ع: «أثرًا من غبارهم».
(٥) ع: «فحال النبي - صلى الله عليه وسلم - وحال أصحابه».
(٦) ع: «فإن هممهم كانت».
(٧) ع: «فتح بصائر القلوب».
(٨) زاد في ع: «وأن يُعبد الله في جميع البلاد، وأن يوحِّده جميع العباد».

<<  <  ج: ص:  >  >>