للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن تيميّة ــ قدَّس الله روحه ــ يقول: بالصَّبر واليقين تُنال الإمامة في الدِّين، ثمَّ تلا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] (١).

السادس عشر: اقترانه بمقامات الإسلام والإيمان، كما قرنه سبحانه باليقين وبالإيمان، وبالتقوى والتوكُّل والشُّكر والعمل والمرحمة (٢).

ولهذا كان الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له، كما أنَّه لا جسد لمن لا رأس له. قال عمر بن الخطَّاب: خير عيشٍ أدركناه بالصبر (٣).

وأخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أنَّه ضياء (٤). وقال: «من يتصبَّر


(١) ذكر شيخ الإسلام ذلك في مواضع من كتبه، منها: «مجموع الفتاوى» (٣/ ٣٥٨، ٦/ ٢١٥، ١٠/ ٣٩) و «جامع المسائل» (١/ ١٦٨).
(٢) سبقت الآيات التي فيها ذلك إلا آيات قرن الصبر بالتوكل وبالمرحمة، فالأول قوله تعالى: {(٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ} [النحل: ٤٢]، والثاني قوله: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: ١٧].
(٣) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٦٣٠) وكذا وكيع (١٩٨) وأحمد (ص ١٤٦) ــ ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٥٠) ــ من رواية مجاهد عن عمر. قال ابن كثير في «مسند الفاروق» (٣/ ٥٤): «هذا أثر منقطع بين مجاهد وعمر، فإنه لم يُدرك أيامه». وله طريق آخر عند ابن أبي الدنيا في «الصبر» (٦) من رواية ابن مسعود عن عمر، وإسناده ضعيف. قد علَّقه البخاري عن عمر مجزومًا به في كتاب الرقاق (باب الصبر عن محارم الله). وانظر: «تغليق التعليق» (٥/ ١٧٢).
(٤) كما في حديث أبي مالك الأشعري عند مسلم (٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>