للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا المقام خفراء الكفَّار وأرباب الأحوال الشيطانيَّة، فإنَّ صبرهم بالله، لا لله ولا في الله. ولهم من الكشف والتأثير بحسب قوَّة أحوالهم. وهم من جنس الملوك الظلمة، فإنَّ الحال كالمُلك يعطاه البرُّ والفاجر والمؤمن والكافر.

الرابع: من فيه صبرٌ لله، لكنَّه ضعيف النصيب من الصبر به والتوكُّلِ عليه، والثِّقةِ به والاعتماد عليه. فهذا له عاقبةٌ حميدة، ولكنَّه ضعيفٌ عاجز مخذولٌ في كثيرٍ من مطالبه لضعف نصيبه من {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فنصيبه مِن «لله» (١) أقوى من نصيبه مِن (٢) «بالله». فهذا حال المؤمن الضعيف.

وصاحبُ بالله لا لله حال الفاجر القويِّ، وصاحب لله وبالله (٣) حال المؤمن القويِّ، والمؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف (٤).

فصاحب لله وبالله عزيزٌ حميد، ومن ليس لله ولا بالله مذمومٌ مخذول، ومن هو بالله لا لله قادرٌ مذموم، ومن هو لله لا بالله عاجزٌ محمود.

فبهذا التفصيل يزول الاشتباه في هذا الباب، ويتبيَّن فيه الخطأ من الصواب. والله أعلم.

* * * *


(١) أي من الصبر لله.
(٢) «مِن» زيادة من ع، وهي لازمة. والمراد: أقوى من نصيبه من الصبر بالله.
(٣) في ع زيادة: «حاله».
(٤) اقتباس من حديث أبي هريرة عند مسلم (٢٦٦٤) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>