فالقضاء عندكم هو المقضيُّ أو غيره؟ قيل: هو على ضربين، فالقضاء بمعنى الخلق هو المقضيُّ، لأنَّ الخلق هو المخلوق. والقضاء الذي هو الإلزام والإعلام والكتابة غير المقضيِّ، لأنَّ الأمر غير المأمور، والخبرَ غير المخبر عنه».
وهذا الجواب لا يخلِّصه أيضًا، لأنَّ الكلام ليس في الإلزام والإعلام والكتابة، وإنَّما الكلام في نفس الفعل المقدَّر، المُعْلَم به، المكتوب: هل مقدِّره وكاتبه سبحانه راضٍ به أم لا؟ وهل العبد مأمورٌ بالرِّضا به نفسه أم لا؟ وهذا حرف المسألة.
وقد أنكر الله سبحانه على من جعل مشيئته وقضاءه مستلزمًا لمحبَّته ورضاه، فكيف بمن جعل ذلك شيئًا واحدًا؟! قال تعالى:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}[الأنعام: ١٤٨].