للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى (١) ورضاه ومشيئته واحدةً، كما هو أحد قولي الأشعريِّ، وأكثر أتباعه (٢). فإنَّ هؤلاء يقولون: إنَّ كلَّ ما شاءه وقضاه فقد أحبَّه ورضيه. وإذا كان الكون محبوبًا له مرضيًّا، فنحن نحبُّ ما أحبَّه، ونرضى ما رضي به.

وقولكم: إنَّ الرِّضا بالقضاء يطلق جملةً ولا يطلق تفصيلًا= لا يخلِّص في هذا المقام، فإنه وإن لم يُطلَق تفصيلًا فذلك لا يمنع دخوله في جملة المرضيِّ به، فيعود الإشكال.

وقولكم: نرضى بها من جهة كونها خلقًا لله، وتُسخَط (٣) من جهة كونها كسبًا للعبد= فكسب العبد إن كان أمرًا وجوديًّا فهو خلقٌ لله فيُرضى به، وإن كان أمرًا عدميًّا فلا حقيقة له تُرضى ولا تُسخَط (٤).

وأمَّا قولكم: نرضى بالقضاء دون المقضيِّ، فهذا إنَّما يصحُّ على قول من جعل القضاء غير المقضيِّ والفعلَ غير المفعول، وأمَّا من لم يفرِّق بينهما فكيف يصحُّ هذا على أصله؟

وقد أورد القاضي أبو بكرٍ (٥) على نفسه (٦) هذا السُّؤال فقال: «فإن قيل:


(١) في الأصل، ل، ش زيادة: «ومحبته»، تكرار لا وجه له.
(٢) انظر: «مقالات الأشعري» (فصل في مذهبه في الإرادة ــ ص ٧٠ - ٨٠) و «الإنصاف» لابن الباقلاني (ص ٢٥،٣٨ - ٣٩، ٤٣)، و «الإرشاد» للجويني (ص ٢٣٩) و «أبكار الأفكار» للآمدي (١/ ٣٠٣).
(٣) ع: «نسخطها».
(٤) ل، ج، ن: «برضًا ولا بسخط».
(٥) ابن الباقلاني في «التمهيد» (ص ٣٦٨). وانظر: «مقالات الأشعري» (ص ٩٩).
(٦) ل، ج، ن: «تفسير»، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>