للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه طريقة كثيرٍ من أصحابنا وغيرهم. وبه أجاب القاضي أبو يعلى وابن الباقلَّاني، قال (١): «فإن قيل: أفترضون بقضاء الله وقدره؟ قيل له: نرضى بقضاء الله ــ الذي هو خَلْقه ــ الذي أمَرَنا أن نرضى به، ولا نرضى من ذلك ما نهانا (٢) أن نرضى به. ولا نتقدَّم بين يدي الله، ولا نعترض على حكمه».

وقالت طائفةٌ أخرى: نُطلق الرِّضا بالقضاء في الجملة دون تفاصيل المقضيِّ المقدَّر، فنقول: نرضى بقضاء الله جملةً ولا نسخطه، ولا نطلق الرِّضا على كلِّ واحدٍ من تفاصيل المقضيِّ. كما يقول المسلمون: كلُّ شيءٍ يبيد ويهلك، ولا يقولون: حجج الله تبيد وتهلك؛ ويقولون: الله ربُّ كلِّ شيءٍ، ولا يضيفون ربوبيَّته إلى الأعيان المستخبثة المستقذرة بخصوصها (٣).

وقالت طائفة أخرى: نرضى بها من جهة إضافتها إلى الربِّ خلقًا ومشيئتها، ونسخطها من جهة إضافتها إلى العبد كسبًا (٤) وقيامًا به.

وقالت طائفة أخرى: بل نرضى بالقضاء ونسخط المقضيَّ، فالرِّضا والسخط لم يتعلَّقا بشيءٍ واحدٍ (٥).

وهذه الأجوبة لا يتمشَّى شيءٌ منها على أصول من يجعل محبَّة الربِّ


(١) أي ابن الباقلاني في «تمهيد الأوائل» (ص ٣٦٨).
(٢) في ع زيادة: «عنه»، وليست في المصدر.
(٣) وهذا الجواب أيضًا لابن الباقلاني في «التمهيد» (ص ٣٦٩)، نقله المؤلف بشيء من التصرف.
(٤) ع: «كسبًا له».
(٥) بنحوه أجاب أبو الحسن الأشعري، كما في «مقالاته» لابن فورك (ص ٩٩ - ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>