للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضاي في رضاك بقضائي» (١).

التاسع والعشرون (٢): أنَّ الرِّضا بالقضاء أشقُّ شيءٍ على النفس. بل هو ذبحها في الحقيقة، فإنَّه مخالفة هواها وطبعها وإرادتها. ولا تصير مطمئنَّةً قطُّ حتى ترضى بالقضاء، فحينئذٍ تستحقُّ أن يقال لها: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٢٧ - ٣٠].

الثلاثون: أنَّ الرّاضي متلقٍّ (٣) أوامرَ الرب الدينيَّةَ والقدريَّةَ بالانشراح والتسليم وطيب النفس والاستسلام، والساخطُ يتلقَّاها بضدِّ ذلك إلَّا ما وافق طبعه وإرادته منها. وقد بيَّنَّا أن الرِّضا بذلك لا ينفعه ولا يثاب عليه، فإنَّه لم يرض به لكون الله قدَّره وقضاه وأمر به، وإنَّما رضي به لموافقته هواه وطبعه، فهو إنَّما رضي بنفسه وعن نفسه، لا عن ربِّه.

الحادي والثلاثون: أنَّ المخالفاتِ كلَّها أصلُها من عدم الرِّضا، والطاعاتِ كلَّها أصلُها من الرِّضا. وهذا إنَّما يعرفه حقَّ المعرفة من عرف صفات نفسه وما يتولَّد عنها من الطاعات والمعاصي.

الثاني والثلاثون: أنَّ عدم الرِّضا يفتح باب البدعة، والرِّضا يُغلق عنه ذلك


(١) «قوت القلوب» (٢/ ٤١) و «القشيرية» (ص ٤٥٤). وقد اختصره المؤلف هنا بحذف ما استُشكل منه، بل حكم عليه شيخ الإسلام من أجله أنه كذب. وسينقله المؤلف بتمامه في «الحادي والخمسين»، فانظره (ص ٥٥١) مع التعليق عليه.
(٢) «أن الرضا عن الله ... التاسع والعشرون» سقط من ع لانتقال النظر.
(٣) ع: «متملق»، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>