للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب. ولو تأمَّلت بدع الروافض والنواصب والخوارج، لرأيتها ناشئةً عن (١) عدم الرِّضا بالحكم الكوني، أو الدينيِّ، أو كليهما.

الثالث والثلاثون: أنَّ الرِّضا مَعقِد نظام الدِّين ظاهرِه وباطنِه، فإنَّ القضايا لا تخلو من خمسة أنواعٍ (٢) تنقسم قسمين دينيَّةً وكونيَّةً، وهي: مأمورات، ومنهيَّات، ومباحات، ونِعمٌ مُلِذَّة (٣)، وبلايا مؤلمة. فإذا استعمل العبد الرِّضا في ذلك كلِّه فقد أخذ بالحظِّ الوافر من الإسلام، وفاز بالقدح المعلَّى.

الرابع والثلاثون: أنَّ الرِّضا يخلِّص العبد من مخاصمة الربِّ تعالى في أحكامه وأقضيته، فإن السخط عليه مخاصمةٌ له فيما لم يرضَ به العبد. وأصل مخاصمة إبليس لربِّه من عدم رضاه بأقضيته وأحكامه الدينيَّة والكونيَّة، فلو رضي لم يمسخ من الحقيقة الملكيَّة إلى الحقيقة الإبليسيَّة (٤).

الخامس والثلاثون: أنَّ جميع ما في الكون أوجبه مشيئة الله (٥) وحكمته وملكه. فهو موجَب أسمائه وصفاته. فمن لم يرضَ بما قضى به ربُّه، لم يرض بأسمائه وصفاته، فلم يرض به ربًّا.

السادس والثلاثون: أنَّ كلَّ قدرٍ يكرهه العبد ولا يلائمه لا يخلو أن


(١) ع: «من».
(٢) غير محرر في الأصل ول، يشبه: «أنعام»، فتصحَّف في ش إلى: «أقسام».
(٣) كذا، ولم أجد «ألذَّ» بهمزة التعدية في المعاجم. وقد استعمله المؤلف أيضًا في «طريق الهجرتين» (١/ ١٢٠).
(٤) ع: «الشيطانية الإبليسية».
(٥) ع: «أوجبته مشيئته».

<<  <  ج: ص:  >  >>