للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابع والخمسون: أنَّه إذا لم يرض بالقدر وقع في لوم المقادير، إمَّا بقالبه، وإمَّا بقلبه وحاله؛ ولوم المقادير لومٌ لمقدِّرها. وكذلك يقع في لوم الخلق. والله والناسُ يلومونه، فلا يزال لائمًا ملومًا. وهذا منافٍ للعبوديَّة.

قال أنس: خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين (١)، فما قال لي لشيءٍ فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيءٍ لم أفعله: ألا فعلته؟ ولا قال لي لشيءٍ كان: ليته لم يكن، ولا لشيءٍ لم يكن: ليته كان. وكان بعض أهله إذا لامني يقول: «دعوه، لو قضي شيءٌ لكان» (٢).

وقوله: «لو قضي شيءٌ لكان» يتناول أمرين، أحدهما: ما لم يوجد من مراد العبد، والثاني: ما وُجد ممَّا يكرهه؛ يتناول فوات المحبوب وحصول المكروه، فلو قضي الأوَّل لكان، ولو قضي خلاف الآخر لكان.

فإذا استوت الحالتان بالنِّسبة إلى القضاء، فعبوديَّة العبد: أن يستوي عنده الحالتان بالنِّسبة إلى رضاه. وهذا موجَب العبوديَّة ومقتضاها، يوضِّحه:

الثامن والخمسون: أنَّه إذا استوى الأمران بالنِّسبة إلى رضا الربِّ تعالى، فهذا رضيه لعبده فقدَّره، وهذا لم يرضه فلم يقدِّره= فكمال الموافقة أن يستويا بالنِّسبة إلى العبد، فيرضى ما رضيه له ربُّه في الحالين.


(١) ع: «عشرين سنة»، خطأ.
(٢) الحديث بهذا السياق في «قوت القلوب» (٢/ ٤٢) و «الإحياء» (٤/ ٣٤٦). وطرفه الأول عند البخاري (٢٧٦٨، ٦٠٣٨) ومسلم (٢٣٠٩) بنحوه. وطرفه الأخير أخرجه أحمد (١٣٤١٨) وابن حبان (٧١٧٩) غيرهما بأسانيد فيها ضعف، وقد سبق تخريجه (١/ ٣٠٦ - ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>