للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن القائل المعصوم! وأين الأقوال التي أعلى درجاتها أن تكون سائغة الاتِّباع، من النُّصوصِ الواجبِ على كلِّ مسلمٍ تقديمُها وتحكيمُها والتّحاكمُ إليها في محلِّ النِّزاع! وأين الآراء التي نهى قائلُها عن تقليده فيها وحذَّر، إلى النُّصوص التي فرضٌ (١) على كلِّ عبد أنه (٢) يهتدي بها ويتبصَّر! وأين المذاهب التي إذا مات أربابها فهي من جملة الأموات، إلى النُّصوص التي لا تزول إذا زالت الأرض والسّماوات!

سبحان الله! ماذا حُرم المعرضون عن نصوص الوحي واقتباس العلم من مشكاتها من كنوز الذّخائر! وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر! قنعوا بأقوالٍ استنبطها معاولُ الآراء فِكَرًا، وتقطَّعوا أمرهم بينهم لأجلها زُبُرًا (٣). وأوحى بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا، فاتّخذوا لأجل ذلك القرآن مهجورًا.

درست معالم القرآن في قلوبهم فليسوا يعرفونها، ودثرت معاهده عندهم فليسوا يعمرونها، ووقعت ألويته وأعلامه من أيديهم فليسوا يرفعونها، وأفَلَتْ كواكبُه النّيِّرة من آفاق نفوسهم فلذلك لا يحبُّونها، وكسَفت شمسُه عند اجتماع ظُلَمِ آرائهم وعُقَدِها فليسوا يبصرونها.

خلعوا نصوص الوحي من سلطان الحقيقة، وعزلوها عن ولاية اليقين. وشنُّوا عليها غارات التّأويلات الباطلة، فلا يزال يخرج عليها من جيوشهم


(١) هكذا ضبط في ش.
(٢) كذا في جميع النسخ.
(٣) هكذا ضبط في معظم النسخ بضم الباء، ولم يضبط في الأصل (ق). ولو ضبط بفتح الباء كما في قراءة أبي عمرو في سورة المؤمنون (٥٣) لكان أوقع في السجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>