للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كمينٌ بعد كمينٍ. نزلت عليهم نزول الضّيف على أقوامٍ لئامٍ، فعاملوها بغير ما يليق بها من الإجلال والإكرام. وتلقَّوها من بعيدٍ، ولكن بالدَّفع في صدورها والأعجاز. وقالوا: ما لك عندنا من عبورٍ، وإن كان لا بدّ، فعلى سبيل المجاز!

أنزلوا النُّصوص منزلة الخليفة في (١) هذا الزّمان، له السِّكّة (٢) والخطبة وما له حكمٌ نافذٌ ولا سلطانٌ. المتمسِّكُ عندهم بالكتاب والسُّنّة صاحب ظواهر، مبخوسٌ حظُّه من المعقول. والمقلِّدُ للآراء المتناقضة المتعارضة والأفكار المتهافتة لديهم هو الفاضل المقبول. وأهلُ الكتاب والسُّنّة المقدِّمون لنصوصها على غيرها جهّالٌ لديهم منقوصون! {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٣].

حُرموا ــ واللهِ ــ الوصولَ، بعدولهم عن منهج الوحي وتضييعهم الأصول. تمسّكوا بأعجازٍ لا صدور لها، فخانتهم أحرصَ ما كانوا عليها، وتقطّعت بهم أسبابُها أحوجَ ما كانوا إليها؛ حتّى إذا بُعثِر ما في القبور، وحُصِّل ما في الصُّدور، وتميَّز لكلِّ قومٍ حاصلُهم الذي حصَّلوه، وانكشفت لهم حقيقةُ ما اعتقدوه، وقَدِموا على ما قدَّموه، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا ليحتسبوه (٣)، وسُقِط في أيديهم عند الحصاد لمّا عاينوا غلَّةَ ما بذروه= فيا شدّةَ الحسرة عندما يعاين (٤)


(١) "في" ساقط من ش.
(٢) هي الحديدة المنقوشة التي كانت تطبع عليها الدراهم والدنانير، وقد تطلق على النقود المضروبة نفسها.
(٣) ما عدا ق، ل: "يحتسبوه"، وضرب بعضهم على "يكونوا" في ش لإصلاح العبارة.
(٤) ش: "عاين".

<<  <  ج: ص:  >  >>