للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المبطلُ سعيَه وكدَّه هباءً منثورًا! ويا عِظَمَ المصيبة عندما يتبيَّن (١) بوارقَ أمانيه خُلَّبًا، وآمالَه الكاذبة غرورًا! فما ظنُّ من انطوت سريرته على البدعة والهوى والتّعصُّب للآراء بربِّه يوم تبلى السّرائر؟ وما عذرُ مَن نبَذ الوحيين وراء ظهره في يومٍ لا تنفع (٢) الظّالمين فيه (٣) المعاذر؟

أفيظنُّ المُعرض عن كتاب ربِّه وسنَّة رسوله أن ينجو من ربِّه بآراء الرِّجال؟ أو يتخلّص من بأس الله بكثرة البحوث والجدال، وضروب الأقيسة وتنوُّع الأشكال؟ أو بالإشارات والشّطحات وأنواع الخيال؟ هيهات! والله، لقد ظنّ أكذب الظّنِّ، ومنَّته نفسُه أبينَ المُحال! وإنّما ضُمِنت النّجاة لمن حكَّم هدى الله تعالى على غيره، وتزوَّد التّقوى، وائتمَّ بالدّليل، وسلك الصِّراط المستقيم، واستمسَك من الوحي بالعروة الوثقى التي (٤) لا انفصام لها، والله سميعٌ عليمٌ (٥).

وبعد، فلمّا كان كمال الإنسان إنّما هو بالعلم النّافع، والعمل الصَّالح ــ وهما الهدى ودين الحقِّ ــ وبتكميله لغيره في هذين الأمرين، كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر]، فأقسم سبحانه أنَّ كلَّ أحدٍ (٦)


(١) ش: "تتبين".
(٢) ل، ش: "ينفع". ولم ينقط حرف المضارع في م، ج.
(٣) ج: "فيه الظالمين"، وكذا في ق، ل مع علامة التقديم والتأخير فوق الكلمتين.
(٤) لم يرد "التي" في م.
(٥) معظم كلام المؤلف من قوله: "لكن عصفت على القلوب ... " (ص ٤) إلى هنا قد ورد مع شيء من الاختلاف في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص ٧٩ - ٨٣).
(٦) ل: "واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>