للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاسرٌ إلّا من كمَّل قوّتَه العلميّة بالإيمان، وقوّتَه العمليّة بالعمل الصّالح، وكمَّل غيره بالتّوصية له بالحقِّ والصّبر عليه؛ فالحقُّ هو الإيمان والعمل، ولا يتمُّ إلّا بالصَّبر عليه والتَّواصي به= كان (١) حقيقًا بالإنسان أن ينفق ساعاتِ عمره بل أنفاسَه فيما ينال به المطالب العالية، ويخلص (٢) به من الخسران المبين. وليس ذلك إلّا بالإقبال على القرآن وتفهُّمه وتدبُّره واستخراج كنوزه، وإثارة دفائنه، وصرف العناية إليه، والعكوف بالهمّة عليه؛ فإنّه الكفيل بمصالح العباد في المعاش والمعاد، والمُوصِل لهم إلى سبيل الرّشاد. فالحقيقة، والطّريقة، والأذواق والمواجيد الصّحيحة= كلُّها لا تُقْتبَس إلّا من مشكاته، ولا تُسْتثمَر إلّا من شجراته.

ونحن ــ بعون الله ــ ننبِّه على هذا بالكلام على فاتحة الكتاب وأمِّ القرآن، وعلى بعض ما تضمَّنته هذه السُّورة من هذه المطالب، وما تضمَّنته من الرَّدِّ على جميع أهل البدع والضَّلال، وما تضمَّنته من منازل السَّائرين ومقامات العارفين، والفرقِ بين وسائلها وغاياتها، ومواهبها وكسبيّاتها؛ وبيانِ أنّه لا يقوم غيرُ هذه السُّورة مقامَها، ولا يسُدُّ مسَدَّها، ولذلك لم ينزل (٣) في التّوراة ولا في الإنجيل ولا في الزَّبور ولا في القرآن مثلُها. والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله (٤).

* * * *


(١) جواب "فلما كان كمال ... ".
(٢) ج: "يتخلص".
(٣) ج: "تنزل".
(٤) ع: "بالله العظيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>