للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا فمن سوء فهمه أُتي.

وأمّا القرب، فلا يقع في القرآن إلَّا خاصًّا. وهو نوعان: قربه من داعيه بالإجابة، وقربه من عابده بالإثابة.

فالأوَّل كقوله: {(١٨٥) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]. ولهذا نزلت جوابًا للصحابة - رضي الله عنهم -، وقد سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ربُّنا (١) قريبٌ فنناجيه؟ أم بعيدٌ فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).

والثاني كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد» (٣)، و «أقرب ما يكون الربُّ من عبده في جوف اللَّيل» (٤). فهذا قربه من أهل طاعته.

وفي «الصحيح» (٥): عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: «أيُّها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم، إنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنَّ الذي تدعونه سميعٌ قريبٌ، أقرب إلى


(١) ل: «أربُّنا».
(٢) انظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٢٢٢ - ٢٢٣) وابن أبي حاتم (١/ ٣١٤) والبغوي (١/ ٢٠٤).
(٣) أخرجه مسلم (٤٨٢) من حديث أبي هريرة.
(٤) أخرجه الترمذي (٣٥٧٩) والنسائي (٥٧٢) وابن خزيمة (١١٤٧) والحاكم (١/ ٣٠٩) وغيرهم من حديث عمرو بن عبسة بإسناد جيِّد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(٥) للبخاري (٢٩٩٢) ومسلم (٢٧٠٤) واللفظ به أشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>