للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدُ التفريط والإضاعة، ويستردُّ منه ما سرقته يدُ اللصوص والسُّرَّاق (١)، ويستفرغ منه ما ملأته موادُّ الأخلاط الرديَّة الفاسدة المترامية إلى الهلاك والعطب، ويداوي منه الجراحات التي أصابته عند الغارة عليه (٢)، ويغسل منه الحوبات والأوساخ التي تراكبت عليه على تقادم الأوقات، حتَّى لو اطَّلع عليه لأحزنه سوادُه ووسخه الذي صار دباغًا له، فيطهِّره بالماء البارد (٣) قبل أن يكون طهوره بالحميم (٤)، فإنَّه لا يجاور الرّحمن قلبٌ دنسٌ (٥) أبدًا، ولا بدَّ من طهورٍ، فاللبيب يؤثر أسهل الطَّهورين وأنفعهما. والله المستعان.

قوله: (وعلامة هذا الصادق (٦): أن لا يحتمل داعيةً تدعو إلى نقض عهدٍ)، يعني: أنَّ الصادق حقيقةً هو الذي قد انجذبت قوى روحه كلُّها إلى إرادة الله وطلبه، والسَّير إليه، والاستعداد للقائه. ومن هذه حاله لا يحتمل سببًا يدعوه إلى نقض عهده مع الله بوجهٍ.

وقوله: (ولا يصبر على صحبة ضدٍّ)، الضِّدُّ عند القوم هم أهل الغفلة


(١) ع: «ما نهبتْه أكف اللصوص والسرَّاق»، ثم زاد: «ويزرع ما وجده بَوْرًا من أراضيه، ويقلع ما وجده شوكًا وشبرقًا في نواحيه».
(٢) ع: «الجراحات التي أصابته مِن غارات الرياء». قوله: «غارات» هكذا استظهرته، وإلا فرسمه «عرات» مهملًا غير منقوط.
(٣) زاد في ع: «من ينابيع الصدق الخالصة من جميع الكدورات».
(٤) ل، ج، ن: «بالجحيم»، وإليه غيِّر في الأصل. وفي ع جمع بينهما: «بالجحيم والحميم».
(٥) زاد في ع: «بأوساخ الشهوات والرياء».
(٦) الأصل، ش: «الصدق»، وقد سبق على الصواب قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>