للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقِّ بعمل العبد أو حاله أو وقته، وإيقانِ العبد (١) وقصدِه؛ [فـ]ـيكون العبد راضيًا مرضيًّا، فأعماله إذًا مرضيَّة، وأحواله صادقة، وقصوده مستقيمة. وإن كان العبد كُسي ثوبًا مُعارًا، فأحسن أعماله ذنبٌ، وأصدق أحواله زورٌ، وأصفى قصوده قعود).

يعني: أنَّ الصِّدق المحقَّق إنَّما يحصل لمن صدق في معرفة الصِّدق، فكأنَّه قال: لا يحصل حال الصِّدق إلَّا بعد معرفة علم الصِّدق.

ثمّ عرَّف حقيقة الصِّدق فقال: (لا يستقيم الصِّدق في علم أهل الخصوص إلَّا على حرفٍ واحدٍ، وهو أن يتَّفق (٢) رضا الحقِّ بعمل العبد أو حاله أو وقته، وإيقانِه وقصدِه). وهذا موجَب الصِّدق وفائدته وثمرته. فالشيخ - رحمه الله - ذكر الغاية الدالَّة على الحقيقة التي يُعرف انتفاءُ الحقيقة بانتفائها، وثبوتُها بثبوتها. فإنَّ العبد إذا صدق الله رضي الله بعمله وحاله ويقينه وقصده، لا أنَّ رضا الله نفس الصِّدق، وإنَّما يُعلَم الصِّدق بموافقة رضاه سبحانه.

ولكن من أين يعلم العبد رضاه؟ فمن هاهنا كان الصادق مضطرًّا أشدَّ ضرورةٍ إلى متابعة الأمر، والتسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - في ظاهره وباطنه (٣)، والتعبُّد به في كلِّ حركةٍ وسكونٍ، مع إخلاص القصد لله، فإنَّ الله لا يرضيه من عبده


(١) ج، ن: «وإتيان العبد»، وهو لفظ مطبوعة «المنازل» و «شرح القاساني» (ص ٢٢٥).
(٢) وهنا أيضًا كسابقه.
(٣) زاد في ع: «والاقتداء به».

<<  <  ج: ص:  >  >>