للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: ١٠]. ومنه قول الخضر في شأن الجدار واليتيمين: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} [الكهف: ٨٢]. وقال في خرقه (١) السّفينةَ: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: ٧٩]. ثمّ قال بعد ذلك: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: ٨٢].

وتأمّل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣]، وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣]. ثمّ قال: {وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٢) [النساء: ٢٤].

وفي تخصيصه لأهل الصِّراط المستقيم بالنِّعمة ما دلّ على أنّ النِّعمة المطلقة هي الموجبة للفلاح الدّائم. وأمّا مطلق النِّعمة فعلى المؤمن والكافر، فكلُّ الخلق في نعمةٍ (٣). وهذا فصل النِّزاع في مسألة: هل لله على الكافر من نعمةٍ أم لا؟ فالنِّعمة المطلقة لأهل الإيمان، ومطلقُ النِّعمة تكون للمؤمن والكافر، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤].

والنِّعمة من جنس الإحسان، بل هي الإحسان، والرّبُّ تعالى إحسانه


(١) ع: "خرق".
(٢) كذا ضبط "وأَحَلَّ" في م، ش، وهي قراءة أبي عمرو وغيره، وعليها بُني الاستدلال. أما الآية الأولى فحذف فيها الفاعل عند المؤلف من أجل ذكر "الرفث". انظر كلامه على هذه المسألة بتفصيل أكثر في "بدائع الفوائد" (٢/ ٤٢٠ - ٤٢١).
(٣) ضبط في ع: "نِعَمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>