للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على البرِّ والفاجر والمؤمن والكافر. وأمّا الإحسان المطلق فللّذين اتّقوا والّذين هم محسنون (١).

الوجه الثاني: أنّ الله سبحانه هو المتفرِّد (٢) بالنِّعم {بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ} (٣) [النحل: ٥٣]، فأضيف إليه ما هو متفردٌ به. وإن أضيف إلى غيره فلكونه طريقًا ومجرًى للنِّعمة. وأمّا الغضب على أعدائه فلا يختصُّ به، بل ملائكته وأنبياؤه ورسله وأولياؤه يغضبون لغضبه، فكان في لفظة {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} من الإشعار بموافقة أوليائه له في غضبه ما لم يكن في "غضبت (٤) عليهم". وكان في لفظة {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من الدِّلالة على تفرُّده بالإنعام، وأنّ النِّعمة المطلقة منه وحده، هو المتفرد بها= ما ليس في لفظة "المنعَم عليهم" (٥).

الوجه (٦) الثّالث: أنّ في حذف فاعل الغضب من الإشعار بإهانة المغضوب عليه وتحقيره وتصغير شأنه ما ليس في ذكره. وفي ذكر فاعل النِّعمة من إكرامِ المنعَم عليه والإشادةِ بذكره ورفعِ قدره ما ليس في حذفه. فإذا رأيت من قد أكرمه ملِكٌ وشرَّفه ورفَع قدره، فقلتَ: هذا الذي أكرمه


(١) انظر: "بدائع الفوائد" (٢/ ٤٢٥ - ٤٢٧).
(٢) ع: "المنفرد" هنا وفيما يأتي.
(٣) وقع في جميع النسخ: "فما بكم"، وقد أصلح بعضهم في م.
(٤) ج: "غضبنا"، تحريف.
(٥) ذكر السهيلي هذا الوجه في "نتائج الفكر" (ص ٢٣٨). وانظر: "بدائع الفوائد" (٢/ ٤٢٢).
(٦) ع: "والوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>