للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّلطان، وخلَع عليه، وأعطاه، ومنَّاه= كان أبلغ في الثّناء والتّعظيم من قولك: هذا الذي أُكرِمَ وخُلِعَ عليه وشُرِّف وأُعطِي.

وتأمّل سرًّا بديعًا في ذكر السّبب والجزاء للطّوائف الثّلاثة بأوجز لفظٍ وأخصره، فإنّ الإنعام عليهم يتضمّن إنعامَه بالهداية التي هي العلم النّافع والعمل الصّالح، وهي الهدى ودين الحقِّ، ويتضمّن كمالَ الإنعام بحسن الثّواب والجزاء، فهذا تمام النِّعمة، ولفظة {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} تتضمّن الأمرين.

وذكرُ غضبه على المغضوب عليهم يتضمّن أيضًا أمرين: الجزاء بالغضب الذي موجَبُه غاية العذاب والهوان، والسَّبب الذي استحقُّوا به غضبه سبحانه؛ فإنّه أرحم وأرأف من أن يغضب عليهم بلا جنايةٍ منهم ولا ضلالٍ، وكان الغضب عليهم مستلزمًا لضلالهم. وذكرُ الضّالِّين مستلزمٌ لغضبه عليهم وعقابه لهم، فإنَّ من ضلَّ استحقَّ العقوبة التي هي موجَبُ ضلاله وغضب الله عليه.

فاستلزم وصفُ كلِّ واحدٍ من الطّوائف الثّلاثة للسَّبب والجزاء أبينَ استلزامٍ، واقتضاه (١) أكمل اقتضاءٍ، في غاية الإيجاز والبيان والفصاحة، مع ذكرِ الفاعل في أهل السّعادة، وحذفِه في أهل الغضب، وإسنادِ (٢) الفعل إلى السَّبب في أهل الضّلال.

وتأمَّل المقابلة بين الهداية والنِّعمة، والغضب والضّلال؛ فذكَرَ المغضوب عليهم والضّالِّين في مقابلة المهتدين المنعَم عليهم. وهذا كثيرٌ في


(١) ش: "واقتضاءَه".
(٢) ج: "وإسناده".

<<  <  ج: ص:  >  >>