للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مُحِقًّا، وببيتٍ في وسط الجنّة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنّة لمن حسُن خلقُه». وإسناده صحيحٌ. فجعل البيت العُلْويّ جزاءً لأعلى المقامات الثّلاثة، وهي حسن الخلق؛ والأوسط لأوسطها، وهو ترك الكذب؛ والأدنى لأدناها، وهو ترك المماراة وإن كان معه حقٌّ. ولا ريبَ أنّ حسن الخلق مشتملٌ على هذا كلِّه.

وفي التِّرمذيّ (١) عنه - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ من أحبِّكم إليَّ وأقربِكم منِّي مجلسًا يوم القيامة: أحاسِنَكم أخلاقًا. وإنّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي يومَ القيامة: الثَّرثارون والمتشدِّقون والمتفيهقون». قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثّرثارون والمتشدِّقون، فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبِّرون».

الثّرثار: هو كثير الكلام بغير فائدةٍ دينيّةٍ. والمتشدِّق: المتكلِّم بمِلْء (٢) فيه تفاصحًا وتعاظمًا وتطاولًا، وإظهارًا لفضله على غيره، وأصله من الفَهْق وهو الامتلاء.

فصل

الدِّين كلُّه خُلقٌ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدِّين. وكذلك التّصوُّف، قال الكَتَّانيُّ (٣): هو الخُلق، فمن زاد عليك في الخُلق فقد زاد عليك


(١) برقم (٢٠١٨) من حديث جابر، وقال: حسن غريب. وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه أحمد (٨٨٢٢) والبخاري في «الأدب المفرد» (١٣٠٨)، وفي إسناده لين. وأخرجه أحمد (١٧٧٣٢) وابن حبان (٤٨٢) من حديث مكحول عن أبي ثعلبة الخشني. ومكحول لم يسمع منه.
(٢) ل: «بما».
(٣) هو أبو بكر محمد بن علي بن جعفر الكتّاني المتوفى سنة ٣٢٢. انظر: «حلية الأولياء» (١٠/ ٣٥٧)، و «تاريخ بغداد» (٣/ ٧٤) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>