للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: خطَّ لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا، وقال: "هذا سبيل الله". ثمّ خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن يساره، وقال: "هذه سُبلٌ، على كلِّ سبيلٍ شيطانٌ يدعو إليه". ثمّ قرأ قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣] (١).

وهذا لأنَّ الطَّريق المُوصِل إلى الله واحد (٢)، وهو ما بعث به رسلَه وأنزل به كتبَه، لا يُوصَل إليه إلّا من هذا (٣) الطّريق. ولو أتى النّاسُ من كلِّ طريقٍ، أو استفتحوا من كلِّ بابٍ، فالطُّرق عليهم مسدودةٌ، والأبواب في وجوههم مغلقةٌ إلّا هذا الطّريقَ الواحدَ، فإنّه متّصلٌ بالله تعالى، موصِلٌ إلى الله تعالى.

قال تعالى: {هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: ٤١]. قال الحسن - رضي الله عنه -: معناه: صراطٌ إليّ مستقيمٌ (٤). وهذا يحتمل أمرين: أحدهما أن يكون أراد به أنّه من باب إقامة الأدوات بعضِها مقامَ بعضٍ، فقامت أداة "على" مقام "إلى". والثّاني: أنّه أراد التّفسير على المعنى، وهو الأشبه بطريق


(١) أخرجه أحمد (٤١٤٢، ٤٤٣٧) والدارمي (٢٠٨) والنسائي في "الكبرى" (١١١٠٩) وابن حبان (٦، ٧) والحاكم (٢/ ٢٣٩، ٣١٨) وغيرهم بإسناد حسن. وانظر: "طريق الهجرتين" (١/ ٣٨٣).
(٢) ع: "واحدة".
(٣) ع: "هذه".
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>