إبليس اللّعين، فآل أمره إلى ما آل إليه. وذنب آدم ــ صلى الله على نبيِّنا وعليه وسلَّم ــ كان من الحرص والشّهوة، فكان عاقبته التّوبة والهداية. وذنب إبليس حمله على الاحتجاج بالقدر والإصرار، وذنب آدم عليه السلام أوجب له إضافتَه إلى نفسه، والاعتراف به والاستغفار.
فأهل الكبر والإصرار والاحتجاج بالأقدار: مع شيخهم وقائدهم إلى النّار إبليس. وأهل الشّهوة المستغفرون التّائبون المعترفون بالذُّنوب، الذين لا يحتجُّون عليها بالقدر: مع أبيهم آدم في الجنّة.
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: المتكبِّر شرٌّ من المشرك فإنّ المتكبِّر متكبِّر عن عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره.
قلت: ولذلك جعل الله النّار دار المتكبِّرين، كما قال تعالى في سورة غافرٍ:{ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}[آية: ٧٦]، وقال في سورة النّحل: {أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩)} [آية: ٢٩]، وقال في سورة تنزيل:{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}[الزمر: ٦٠].
وأخبر أنّ أهل الكبر والتّجبُّر هم الذين طبع الله على قلوبهم، فقال:{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}[غافر: ٣٥].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنّةَ من كان في قلبه مِثقالُ ذرّةٍ من كِبْرٍ». رواه مسلمٌ - رحمه الله - (١).
وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ٤٨]، تنبيه على أنّه لا
(١) رقم (٩١) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.