للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغفر الكِبر الذي هو أعظم من الشِّرك، وكما أنّ من تواضع لله (١) رفعه الله، فكذلك من تكبّر عن الانقياد للحقِّ (٢) أذلَّه ووضعَه. ومن تكبّر عن الانقياد للحقِّ ولو جاءه على يد صغيرٍ، أو من يبغضه ويعاديه= فإنّما تكبَّر على الله، فإنّ الله هو الحقُّ، وكلامه حقٌّ، ودينه حقٌّ، والحقُّ صفته ومنه وله. فإذا ردَّه العبد وتكبَّر عن قبوله، فإنّما ردَّ (٣) على الله، وتكبَّر عليه.

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٤): (التّواضع: أن يتواضع العبد لِصَوْلة الحقِّ).

يعني: أن (٥) يتلقّى سلطانَ الحقِّ بالخضوع له والذُّلِّ والانقياد، والدُّخولِ تحت رقِّه، بحيث يكون الحقُّ متصرِّفًا فيه تصرُّفَ المالك في مملوكه، فبهذا يحصل للعبد خُلق التّواضع. ولهذا فسّر النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الكبر بضدِّه، فقال: «الكبر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْص (٦) النّاس». فبطَرُ الحقِّ: ردُّه وجَحْدُه، والدّفع في صدره كدفع الصّائل. وغَمْص (٧) النّاس: احتقارهم


(١) «لله» ليست في ش، د.
(٢) «للحق» ليست في ل.
(٣) ش، د: «رده».
(٤) (ص ٤٦).
(٥) ش، د: «أنه».
(٦) كذا في ل وهامش ش. وفي د، ش: «غمط». والرواية بالوجهين، وكلاهما بمعنًى. فهو عند مسلم (٩١) بالطاء، وعند الترمذي (١٩٩٩) وابن حبان (٥٤٦٦) بالصاد، كلهم من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. وفي الباب عن غيره.
(٧) ش، د: «غمط».

<<  <  ج: ص:  >  >>